السبت، 13 فبراير 2021

👀👀 قلت المدون هذا ما سنجده في كل أبواب وكتب الطلاق في جميع المذاهب والفرق وسنرفق هنا روابط الرد علي تقصيرهم في حق ربهم بتقديسهم لعلمائهم زعما بأنهم لن يفهموا ما يفهمه فقهائهم

العدة شرح العمدة

قلت المدون هذا ما سنجده في كل أبواب وكتب الطلاق في جميع المذاهب والفرق وسنرفق هنا روابط الرد علي تقصيرهم في حق ربهم بتقديسهم لعلمائهم زعما بأنهم لن يفهموا ما يفهمه فقهائهم 


 






 

اضغط الرابط للوصول الي ما تريده بإذن الله الواحد من هذا الكتاب وروابطه حية مفعلة

 p; 

 

 

كتاب الطلاق (1) ولا يصح الطلاق إلا من زوج مكلف مختار، ولا يصح طلاق المكره ولا زائل العقل
(2) إلا السكران
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
[كتاب الطلاق]
مسألة 1: (لا يصح الطلاق إلا من زوج مكلف مختار) فأما غير الزوج فلا يصح منه لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الطلاق لمن أخذ بالساق» وروى الخلال بإسناده عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا طلاق قبل نكاح» (رواه ابن ماجه) ، فأما الصبي العاقل ففيه روايتان: إحداهما: لا يقع طلاقه لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يحتلم. . .» (رواه أبو داود) ولأنه غير مكلف أشبه الطفل. والثانية: إن كان ابن عشر وعقل الطلاق صح منه لأنه عاقل أشبه البالغ، وأما الطفل والمجنون والنائم والزائل العقل لمرض أو شرب دواء أو أكره على شرب الخمر فلا يقع طلاقه؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق» (رواه أبو داود) وغير الثلاثة مقيس عليهم.

مسألة 2: (إلا السكران) فإنه يقع طلاقه إذا كان سكره بغير عذر، والشارب لما يزيل عقله من غير حاجة ففيه روايتان: إحداهما: يقع طلاقه لما روى أبو وبرة الكلبي قال: أرسلني خالد إلى عمر فأتيته في المسجد ومعه عثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد

(1/441)


(3) ويملك الحر ثلاث تطليقات والعبد اثنتين، سواء كان تحته حرة أو أمة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
الرحمن، فقلت: إن خالدًا يقول: إن الناس قد انهمكوا في الخمر وتحاقروا العقوبة، فقال عمر: هؤلاء عندك فسلهم، فقال علي: تراه إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وعلى المفتري ثمانون. فقال عمر: أبلغ صاحبك ما قال، فجعلوه كالصاحي، ولأنه إيقاع الطلاق من مكلف صادق ملكه فوجب أن يقع كالصاحي، ويدل على تكليفه أنه يقتل بالقتل ويقطع بالسرقة. والثانية: لا يقع طلاقه، وهو قول عثمان، وقال ابن المنذر: هذا ثابت عن عثمان ولا نعلم أحدًا من الصحابة خالفه. قال الإمام أحمد: حديث عثمان أرفع شيء فيه، وهو أصح، يعني من حديث علي، وحديث الأعمش عن منصور لا يرفعه إلى علي، ولأنه زائل العقل أشبه المجنون والنائم ولأنه مفقود الإرادة أشبه المكره.

مسألة 3: (ويملك الحر ثلاث تطليقات والعبد اثنتين، سواء كان تحته حرة أو أمة) روي ذلك عن عمر وابنه وجماعة من الصحابة، ولأن الله سبحانه خاطب الرجال بالطلاق فكان حكمه معتبرًا بهم، لأن الطلاق خالص حق الزوج وهو مما يختلف بالرق والحرية فكان اختلافه به لعدد المنكوحات، ولأن الحر يملك أن يتزوج أربعًا فملك طلقات ثلاثًا كما لو كان تحته حرة، وعنه أن الطلاق معتبر بالنساء فطلاق الأمة اثنتان حرًا كان الزوج أو عبدًا، وطلاق الحرة ثلاث حرًا كان زوجها أو عبدًا، روي ذلك عن علي وابن مسعود، ولما روت عائشة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «طلاق الأمة تطليقتان وقرؤها حيضتان» رواه أبو داود وابن ماجه، ولأن المرأة محل الطلاق فيعتبر بها كالعدة، والأولى أولى، وحديث عائشة قال أبو داود رواية مظاهر بن أسلم وهو منكر الحديث، وقد أخرجه الدارقطني عن عائشة قالت: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «طلاق العبد اثنتان، فلا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره، وقرء الأمة حيضتان، وتزوج الحرة على الأمة ولا تزوج الأمة على الحرة» " وهو نص.

(1/442)


(4) فمتى استوفى عدد طلاقه لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا ويطأها، «لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لامرأة رفاعة: " لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك»
(5) ولا يحل جمع الثلاث
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 4: (فمن استوفى عدد طلاقه لم تحل زوجته حتى تنكح زوجًا غيره نكاحًا صحيحًا ويطأها) أما الحرة فلقوله سبحانه: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] وأما العبد فلحديث عائشة، ويجب أن يكون النكاح صحيحا لأن الله سبحانه قال: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] أطلق النكاح، وإنما يحمل المطلق من كلام الله سبحانه على الصحيح لا على الفاسد. ويجب أن يطأها أيضًا لما روت عائشة «أن رفاعة طلق امرأته فبت طلاقها، فتزوجت بعده بعبد الرحمن بن الزبير، فجاءت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالت إنها كانت عند رفاعة فطلقها ثلاث تطليقات فتزوجت بعده بعبد الرحمن بن الزبير وإنما معه مثل الهدبة. فتبسم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقال: " لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك» متفق عليه.

مسألة 5: (ولا يحل جمع الثلاث) وهو إحدى الروايتين وهو طلاق بدعة وهو محرم، روي ذلك عن عمر وعلي وجماعة من الصحابة، فروي عن عمر أنه كان إذا أتى برجل طلق ثلاثًا أوجعه ضربًا، وعن مالك بن الحارث قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إن عمي طلق امرأته ثلاثًا، فقال: إن عمك عصى الله وأطاع الشيطان فلم يجعل الله له مخرجًا. ولأنه تحريم للبضع بقول الزوج من غير حاجة فحرم كالظهار. والرواية الأخرى أنه مكروه غير محرم لأن عويمرًا العجلاني لما لاعن امرأته قال: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها، فطلقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، متفق عليه. ولم ينقل إنكار رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفي حديث امرأة رفاعة أنها قالت: يا رسول الله إن رفاعة طلقني فبت طلاقي، متفق عليه. وفي حديث فاطمة بنت قيس أن زوجها أرسل إليها بثلاث تطليقات، والأولى أولى. وأما حديث المتلاعنين فغير لازم لأن الفرقة لم تقع

(1/443)


(6) ولا طلاق المدخول بها في حيضتها أو في طهر أصابها فيه لما «روى ابن عمر أنه طلق امرأة له وهي حائض، فذكر ذلك عمر لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: " مُره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسها»
(7) والسنة في الطلاق أن يطلقها في طهر لم يصبها فيه واحدة ثم يدعها حتى تنقضي عدتها، فمتى قال لها: أنت طالق للسنة وهي في طهر لم يصبها فيه طلقت، وإن كانت في طهر أصابها فيه (8) أو حيض لم تطلق حتى تطهر من حيضة
(9) وإن قال لها أنت طالق للبدعة وهي حائض أو في طهر أصابها فيه طلقت، وإن لم تكن كذلك لم تطلق حتى يصيبها أو
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
بالطلاق وإنما وقعت بمجرد لعانها فلا حجة فيه، وسائر الأحاديث لم يقع فيها جمع الثلاث بين يدي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى يكون مقرًا عليه. على أن حديث فاطمة بنت قيس أنه أرسل إليها بتطليقة كانت بقيت لها من طلاقها (رواه مسلم) ، وحديث امرأة رفاعة جاء فيه أنه طلقها آخر ثلاث تطليقات، متفق عليه، ولم يكن في شيء من ذلك جمع الثلاث.

مسألة 6: (ولا يحل طلاق المدخول بها في حيضها أو في طهر أصابها فيه) لأنه طلاق بدعة محرم لما روي «أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض فذكر عمر ذلك للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فتغيظ عليه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم قال: " مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسها» (رواه مسلم)

مسألة 7: (والسنة في الطلاق أن يطلقها في طهر لم يصبها فيه واحدة ثم يدعها حتى تنقضي عدتها) أجمعوا على أن هذا مصيب للسنة مطلق للعدة التي أمر الله سبحانه بها، قاله ابن المنذر وابن عبد البر (فمتى قال: أنت طالق للسنة وهي في طهر لم يصبها فيه طلقت) في الحال لأنه وصف الطلقة بصفتها فوقعت في الحال، (وإن قال ذلك لها وهي في طهر أصابها فيه لم يقع حتى تحيض ثم تطهر) لأن الطهر الذي جامعها فيه والحيض بعده زمن بدعة، فإذا طهرت من الحيضة المستقبلة طلقت حينئذ لأن الصفة وجدت.
1 -
مسألة 8: (وإن قال ذلك لحائض لم يقع في الحال لأن طلاقها طلاق بدعة، لكن إذا طهرت طلقت لأن الصفة وجدت حينئذ.

مسألة 9: (وإن قال لها: أنت طالق للبدعة وهي حائض أو في طهر أصابها فيه

(1/444)


تحيض
(10) فأما غير المدخول بها والحامل التي تبين حملها والآيسة والتي لم تحض فلا سنة لطلاقها ولا بدعة، فمتى قال لها أنت طالق للسنة أو للبدعة طلقت في الحال
باب صريح الطلاق وكنايته صريحه لفظ " الطلاق " وما تصرف منه كقوله: أنت طالق، أو مطلقة وطلقتك، فمتى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
طلقت) وإن كانت في طهر لم يصبها فيه طلقت إذا أصابها أو حاضت، وهذه المسألة عكس التي قبلها لأنه وصف الطلقة بأنها للبدعة، فإن قال ذلك لحائض أو طاهر طهرًا قد أصابها فيه وقع الطلاق، لأنه وصف الطلقة بصفتها، وإن كانت في طهر لم يصبها فيه لم يقع في الحال، فإذا حاضت طلقت بأول جزء من الحيض، وإن أصابها طلقت بالتقاء الختانين لأن ذلك وطء.

مسألة 10: (فأما غير المدخول بها والحامل التي تبين حملها والآيسة والصغيرة التي لم تحض فلا سنة لها ولا بدعة، فمتى قال لها: أنت طالق للسنة أو للبدعة طلقت في الحال) قال ابن عبد البر: أجمع العلماء أن طلاق السنة إنما هو للمدخول بها، أما غير المدخول بها فليس لطلاقها سنة ولا بدعة إلا في عدد الطلاق، لأن العدة تطول عليها بالطلاق في الحيض وترتاب بالطلاق في الطهر الذي جامعها فيه وينتفي عنها الأمران بالطلاق في طهر لم يجامعها فيه، بخلاف غير المدخول بها فإنه لا عدة عليها بنفي تطويلها أو الارتياب فيها، وكذلك ذوات الأشهر وهي الصغيرة التي لم تحض والآيسة لا سنة لطلاقها ولا بدعة لأنها لا تحمل فترتاب ولا تطول العدة بطلاقها. وكذلك الحامل التي استبان حملها فهؤلاء الأربعة ليس لطلاقهن سنة ولا بدعة، فإذا قال لإحداهن: أنت طالق للسنة أو للبدعة طلقت في الحال وألغيت الصفة لأن طلاقهن لا يتصف بذلك، فصار كأنه قال: أنت طالق ولم يزد، وأما العدد فيكره له أن يطلق واحدة منهن ثلاثًا لأنه لا يبقى له سبيل إلى الرجعة، فطلاق السنة في حقهم واحدة ليكون له سبيل إلى الرجعة من غير أن تنكح زوجًا غيره.

[باب صريح الطلاق وكنايته]
(صريحه لفظ " الطلاق " وما تصرف منه، كقوله: أنت طالقة أو مطلقة أو طلقتك، فمتى أتى به طلقت وإن لم ينوه) لأنه موضوع له على الخصوص ثبت له عرف الشرع والاستعمال.

(1/445)


أتى به بصريح الطلاق طلقت وإن لم ينوه
(11) وما عداه مما يحتمل الطلاق فكناية لا يقع به الطلاق إلا أن ينويه، فلو قيل له: ألك امرأة؟ قال: لا، ينوي الكذب لم تطلق، فإن قال: طلقتها، طلقت، وإن نوى الكذب
(12) وإن قال لامرأته: أنت خلية أو برية أو بائن أو بتة أو بتلة ينوي بها طلاقها طلقت ثلاثا إلا أن ينوي دونها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 11: (وما عداه مما يحتمل الطلاق فكناية لا يقع به الطلاق إلا أن ينويه، فلو قيل له: ألك امرأة؟ فقال: لا، ينوي الكذب لم تطلق) لأن قوله: ما لي امرأة كناية تفتقر إلى نية الطلاق، وإذا نوى الكذب فما نوى الطلاق فلم يقع، (وإن قال: طلقتها طلقت وإن نوى الكذب) لأنه أتى بالصريح الذي لا يحتمل غير الطلاق.

مسألة 12: (وإن قال لامرأته: أنت خلية أو برية أو بائن أو بتة أو بتلة ينوي طلاقها طلقت ثلاثًا إلا أن ينوي دونها) في هذه الألفاظ في المذهب روايتان: الأولى: هي ثلاث وإن نوى واحدة لأن ذلك يروى عن علي وابن عمر وزيد ولم ينقل خلافهم فكان إجماعًا، ولأنه لفظ يقتضي البينونة بالطلاق فوقع ثلاثًا كما لو طلق ثلاثًا، واقتضاؤه البينونة ظاهر في قوله: أنت بائن، وكذلك البتة لأن البت القطع كأنه قطع النكاح كله، وبتلة مثله، والخلية والبرية يقتضيان الخلو من النكاح والبراءة منه، ولا سبيل إلى البينونة بدون الثلاث، ولا يمكن إيقاع واحدة بائن لأنه لا يقدر على ذلك بالصريح من غير عوض، فكذلك الكناية. والثانية: يقع ما نواه، اختاره أبو الخطاب، لما روى أبو داود «أن ركانة طلق امرأته سهمة البتة، فأخبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذلك وقال: والله ما أردت إلا واحدة، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: والله ما أردت إلا واحدة؟ فقال ركانة: والله ما أردت إلا واحدة، فردها إليه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ، إلا أن أحمد ضعفه. وروى عنه حنبل رواية ثالثة: تقع واحدة بائنة لأنه لفظ اقتضى البينونة دون العدد فوقعت واحدة بائنة كالخلع. وذكر أصحابنا من جملة هذه الألفاظ: أنت الحرة، والحقي بأهلك، وحبلك على غاربك، وأنت حرة، ولم يذكرها شيخنا هاهنا، أما قوله: أنت الحرة وأنت حرة فقال شيخنا: لم يذكرهما لأنه مختلف فيهما، ولم يذكرهما الخرقي في الظاهر ولم يعرف فيهما دليلًا ظاهرًا فتركناهما لذلك. وأما

(1/446)


(13) وما عدا هذا يقع به واحدة إلا أن ينوي ثلاثًا
(14) وإن خير امرأته فاختارت نفسها طلقت واحدة
(15) وإن لم تختر أو اختارت زوجها لم يقع شيء، «قالت عائشة: قد خيرنا رسول الله» - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أفكان طلاقا؟
(16) وليس لها أن تختار إلا في المجلس
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
الحقي بأهلك فإن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لامرأة تزوجها: " الحقي بأهلك» (رواه ابن ماجه) ولم يكن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليطلق ثلاثًا فإن طلاق الثلاث محرم أو مكروه، ولم يكن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يفعل المحرم ولا المكروه، وقد ذكر الأثرم هذا للإمام أحمد فسكت ولم يجب، والظاهر أنه رجع عن قوله إلى حديث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولأنه قوله: الحقي بأهلك لا يقتضي لفظ الثلاث ولا معناه، فإنها قد تلحق بأهلها بطلقة واحدة، وأما قوله: حبلك على غاربك، فلا نعلم فيه دليلًا على الثلاث ولا في لفظها ما يقتضيه فهو كقوله: الحقي بأهلك.

مسألة 13: (وما عدا هذا يقع به واحدة) يعني الكنايات الخفية نحو: اخرجي واذهبي وذوقي وتجرعي وخليتك وأنت مخلاة وأنت واحدة ولست لي بامرأة واعتدي واستبرئي واعتزلي واختاري ووهبتك لأهلك، وسائر ما يدل على الفرقة، فهذا يقع به واحدة لأنها اليقين (إلا أن ينوي ثلاثًا) لأنه محتمل.

مسألة 14: (وإن خير امرأته فاختارت نفسها طلقت واحدة) لأنه إجماع الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، فروي عن عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود وجابر وعبد الله بن عمر وعائشة أنهم قالوا في الخيار: إن اختارت نفسها فهي واحدة وهو أحق بها، رواه البخاري عنهم بأسانيده، ولأن قوله اختاري تفويض مطلق فيتناول أقل ما يقع عليه الاسم وذلك طلقة واحدة، ولا يجوز أن يكون بائنًا لأنها بغير عوض لم يكمل بها العدد بعد الدخول فأشبه ما لو طلقها واحدة.

مسألة 15: (وإن لم تختر أو اختارت زوجها لم يقع شيء. «قالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: قد خيرنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أفكان طلاقًا» ؟) .

مسألة 16: (وليس لها أن تختار إلا في المجلس) وذلك أن أكثر أهل العلم على أن

(1/447)


(17) إلا أن يجعله لها فيما بعده
(18) وإن قال: أمرك بيدك أو طلقي نفسك فهو في يدها ما لم يفسخ أو يطأ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
التخيير على الفور، روي ذلك عن عمر وعثمان وابن مسعود وجابر ولم يعرف لهم مخالف فكان إجماعًا.

مسألة 17: (إلا أن يجعله لها فيما بعد المجلس) فيجوز لأن الحق له ولأن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لعائشة لما خيرها: " إني ذاكر لك أمرًا فلا عليك أن لا تستعجلي حتى تستأمري أبويك» (رواه مسلم) فجعل لها الخيار على التراخي.
فأما من أطلق الخيار فهو مقصور على المجلس، قال الإمام أحمد، - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الخيار على مخاطبة الكلام أن تجاوبه ويجاوبها، إنما هو جواب كلام، إن أجابته من ساعته وإلا فلا شيء.

مسألة 18: (وإن قال لها: أمرك بيدك أو طلقي نفسك فهو في يدها ما لم يفسخ أو يطأ) متى قال لزوجته أمرك في يدك فلها أن تطلق نفسها ثلاثًا، وإن نوى واحدة، قاله عثمان وابن عمر وابن عباس وعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
قال القاضي: وقد نقل عن الإمام أحمد ما يدل على أنه إذا نوى واحدة فهي واحدة لأنه نوع تخيير فرجع إلى نيته فيه كقوله اختاري.
ودليل الأولى أنه لفظ يقتضي العموم في جميع أمرها لأنه اسم جنس مضاف فيتناول الثلاث كما لو قال: طلقي نفسك ما شئت، ويقبل قوله أردت واحدة لأنه خلاف ما يقتضيه اللفظ، وهو في يدها ما لم يفسخ أو يطأ لما روي عن علي في رجل جعل أمر امرأته بيدها قال: هو لها حتى ينكل، ولأنه توكيل في الطلاق فكان على التراخي كما لو قال لأجنبي: أمر امرأتي بيدك، وفارق قوله اختاري فإنه تخيير.
فإن رجع الزوج فيما جعل إليها أو قال: فسخت ما جعلت إليك بطل؛ لأنه توكيل فأشبه التوكيل في البيع.
وإن وطئها قبل اختيارها نفسها كان رجوعًا لأنه نوع توكيل، والتصرف فيما وكل فيه يبطل الوكالة، كذا هاهنا تصرفه بالوطء يبطل وكالته.

(1/448)


باب تعليق الطلاق بالشروط (يصح تعليق الطلاق والعتاقة بشرط بعد النكاح والملك، ولا يصح قبله، فلو قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق، أو ملكتها فهي حرة، فتزوجها أو ملكها لم تطلق ولم تعتق
(19) وأدوات الشرط ست: إن، وإذا، وأي، ومتى، ومن، وكلما، وليس فيها ما يقتضي التكرار إلا كلما
(20) وكلها إذا كانت مثبتة ثبت حكمها عند وجود شرطها، فإذا قال: إن قمت
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
[باب تعليق الطلاق بالشروط]
(يصح تعليق الطلاق والعتاق بشروط بعد النكاح والملك ولا يصح قبله، فلو قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق وإن ملكتها فهي حرة فتزوجها أو ملكها لم تطلق ولم تعتق) لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " «لا طلاق ولا عتاق فيما لا يملك ابن آدم وإن عينها» رواه الدارقطني، وفي لفظ " «لا طلاق فيما لا يملك» رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وعنه ما يدل على أن الطلاق يقع لأنه يصح تعليقه على الإحضار فصح تعليقه على الملك كالوصية، والمذهب الأول لأن من لا يقع طلاقه بالمباشرة لا يصح تعليقه كالمجنون.

مسألة 19: (وأدوات الشرط ست: إن، وإذا، وأي، ومتى، ومن، وكلما، وليس فيها ما يقتضي التكرار إلا كلما) فإذا قال: إن قمت فأنت طالق فقامت طلقت، وإن تكرر القيام لم يتكرر الطلاق، وكذا سائرها لأن اللفظ لا يقتضي التكرار لغة، وإن قال: كلما قمت فأنت طالق فقامت طلقت، وإن تكرر القيام تكرر الطلاق لأن اللفظ يقتضي التكرار لغة.
،
مسألة 20: (وكلها إذا كانت مثبتة ثبت حكمها عند وجود شرطها، فإذا قال: إن قمت فأنت طالق فقامت طلقت وانحل شرطه) لأنها تقتضي ذلك (وإن قال: كلما قمت فأنت طالق طلقت كلما قامت) لأنها تقتضي التكرار.

(1/449)


فأنت طالق فقامت طلقت وانحل شرطه وإن قال: كلما قمت فأنت طالق طلقت كلما قامت
(21) وإن كانت نافية - كقوله: إن لم أطلقك فأنت طالق - كانت على التراخي، إذا لم ينو وقتًا بعينه فلا يقع الطلاق إلا في آخر أوقات الإمكان
(22) وسائر الأدوات على الفور، فإذا قال: متى لم أطلقك فأنت طالق ولم يطلقها طلقت في الحال، وإن قال: كلما لم أطلقك فأنت طالق، فمضى زمن يمكن طلاقها فيه ثلاثا ولم يطلقها طلقت ثلاثا إن كانت مدخولا بها
(23) وإن قال: كلما ولدت ولداً أنت طالق فولدت توأمين طلقت بالأول وبانت بالثاني لانقضاء عدتها به ولم تطلق به
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 21: (وإن كانت نافية - كقوله: إن لم أطلقك فأنت طالق - كانت على التراخي، إذا لم ينو وقتًا بعينه فلا يقع الطلاق إلا في آخر أوقات الإمكان) وذلك في آخر جزء من حياة أحدهما لا نعلم في هذا خلافًا، لأن حرف " إن " مجرد يقتضي التراخي، إلا أن ينوي وقتًا بعينه فيتقيد بذلك الوقت، كقوله: إن لم أطلقك - ينوي اليوم - فأنت طالق، فإنه يتقيد باليوم، فإذا خرج اليوم ولم يطلقها طلقت.

مسألة 22: (وسائر الأدوات على الفور) يعني إذا كانت نافية، وإن تجردت عن النفي فهي على التراخي مثل قوله: إن خرجت وإذا خرجت ومتى خرجت وأي حين خرجت ومن خرجت منكن وكلما خرجت فأنت طالق، فمتى وجد الخروج طلقت. وإن كانت نافية فكلها على الفور لأنها تقتضي ذلك إلا " إن " على ما سبق. (فإذا قال: متى لم أطلقك فأنت طالق ولم يطلقها طلقت في الحال لذلك. وإن قال: كلما لم أطلقك فأنت طالق فمضى زمان يمكن طلاقها فيه ثلاثًا ولم يطلقها طلقت ثلاثًا) ، لأن " كلما " تقتضي التكرار، قال الله سبحانه: {كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ} [المؤمنون: 44] فيقتضي تكرار الطلاق بتكرار الصفة، والصفة عدم تطليقه لها، فإذا مضى زمن يمكن أن يطلقها فيه بعد يمينه فلم يطلقها فقد وجدت الصفة فتقع طلقة وتتبعها الثانية والثالثة (إن كانت مدخولًا بها) ، وإلا بانت بالأولى ولم يلزمها ما بعدها لأن البائن لا يلحقها طلاق.

مسألة 23: (وإن قال: كلما ولدت ولدًا فأنت طالق فولدت توأمين طلقت بالأول وبانت بالثاني ولم تطلق به) لأن العدة انقضت بوضع الثاني فصادفها الطلاق بائنًا فلم يقع كما لو قال: إذا مت فأنت طالق.

(1/450)


(24) وإن قال: إن حضت فأنت طالق طلقت بأول الحيض فإن تبين أنه ليس بحيض لم تطلق
(25) فإن قالت: قد حضت فكذبها طلقت
(26) وإن قال: قد حضت وكذبته طلقت بإقراره
(27) فإن قال: إن حضت فأنت وضرتك طالقتان، فإن قالت: قد حضت فكذبها طلقت دون ضرتها
باب ما يختلف به عدد الطلاق وغيره (28) المرأة إذا لم يدخل بها تبينها الطلقة وتحرمها الثلاث من الحر والاثنتان من العبد إذا وقعت مجموعة، كقوله: أنت طالق ثلاثا أو أنت طالق وطالق وطالق
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 24: (وإن قال: إن حضت فأنت طالق طلقت بأول الحيض) لأن الصفة وجدت، ولذلك حكمنا به حيضًا في المنع من الصلاة والصيام والوطء (فإن تبين أنه ليس بحيض لم تطلق) لأنا تبينا أن الصفة لم توجد.

مسألة 25: (فإن قالت: قد حضت فكذبها طلقت) لأنه يقبل قولها في حق نفسها لقوله سبحانه: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] فلولا أن قولهن مقبول ما حرم الله عليهن كتمانه ويصير كقوله سبحانه: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: 283] يدل على قبولها ولأنه لا يعرف إلا من جهتها.

مسألة 26: (وإن قال: قد حضت فكذبته طلقت بإقراره) .

مسألة 27: (وإن قال: إن حضت فأنت وضرتك طالقتان فقالت: قد حضت فكذبها طلقت دون ضرتها) لأن قولها مقبول على نفسها ولم تطلق الضرة إلا أن تقوم بينة على حيضها.

[باب ما يختلف به عدد الطلاق وغيره]
مسألة 28: (المرأة إذا لم يدخل بها تبينها الطلقة وتحرمها الثلاث من الحر والاثنتان من العبد إذا وقعت مجموعة كقوله: أنت طالق ثلاثًا أو قوله: أنت طالق وطالق وطالق) وذلك أن غير المدخول بها تبين بطلقة، لقوله سبحانه: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49] وأما كونها تحرم بالثلاث من الحر فلقوله سبحانه: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] ثم قال بعد ذلك: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} [البقرة: 230] . وتحرم الاثنتان من

(1/451)


(29) وإن أوقعه مرتبا كقوله: أنت طالق فطالق أو ثم طالق، أو طالق بل طالق، أو أنت طالق أنت طالق، وإن طلقتك فأنت طالق ثم طلقها، أو كلما طلقتك فأنت طالق، أو كلما لم أطلقك فأنت طالق، وأشباه هذا لم يقع بها إلا واحدة
(30) وإن كانت مدخولا بها وقع بها جميع ما أوقعه
(31) ومن شك في الطلاق أو عدده، أو الرضاع أو عدده بنى على اليقين
(32) وإن قال لنسائه: إحداكن طالق ولم ينو واحدة بعينها خرجت بالقرعة
(33) وإن طلق جزءًا من امرأته مشاعًا أو معينًا كإصبعها أو يدها طلقت كلها)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
العبد، روي ذلك عن علي وابن مسعود، لما روت عائشة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «طلاق العبد اثنتان فلا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره، وقرء الأمة حيضتان، ويتزوج الحرة على الأمة ولا يتزوج الأمة على الحرة» وهذا النص رواه الدارقطني.

مسألة 29: (وإن أوقعه مرتبًا كقوله: أنت طالق فطالق، أو طالق ثم طالق، أو طالق بل طالق، أو أنت طالق أنت طالق، أو إن طلقتك فأنت طالق ثم طلقها، أو كلما طلقتك فأنت طالق، أو كلما لم أطلقك فأنت طالق، وأشباه هذا لم يقع إلا واحدة) لأنها تبين بالأولى فلا تقع الثانية لأنها حروف تقتضي الترتيب، فتقع الأولى بها فتبينها ثم تأتي الثانية فتصادفها قد بانت عن نكاحه فتلغو.

مسألة 30: (ولو كانت مدخولًا بها وقع بها جميع ما أوقعه) لأنها لا تبينها الأولى، فتأتي الثانية فتصادف محل النكاح فتقع.

مسألة 31: (ومن شك في الطلاق أو عدده، أو الرضاع أو عدده بنى على اليقين) لأن النكاح من متيقن فلا يزول عنه بالشك.

مسألة 32: (وإن قال لنسائه: إحداكن طالق ولم ينو واحدة بعينها أخرجت بالقرعة) لأن الحقوق إذا تساوت على وجه لا يمكن التمييز إلا بالقرعة صح استعمالها كالشريكين إذا اقتسما فإنه يسوى بينهما ويقرع بينهما، وكذلك العبيد إذا أعتقهم في مرضه ولم يخرج من ثلثه إلا واحد منهم فإنه يقرع بينهم، فكذلك هاهنا.

مسألة 33: (وإن طلق جزءًا من امرأته مشاعًا أو معينًا كإصبعها أو يدها طلقت كلها) لأنها جملة لا تتبعض في الحل والحرمة وجد فيها ما يقتضي التحريم والإباحة،

(1/452)


(إلا الظفر والسن والشعر والريق والدمع ونحوه لا تطلق به)
(35) وإن قال: أنت طالق نصف تطليقة أو أقل من هذا طلقت واحدة
باب الرجعة (إذا طلق امرأته بعد الدخول بغير عوض أقل من ثلاث أو العبد أقل من اثنتين فله رجعتها ما دامت في العدة لقول الله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} [البقرة: 228]
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
فغلب فيها حكم التحريم كما لو اشترك مسلم ومجوسي في صيد، ولأنه أضاف الطلاق إلى جزء ثابت استباحه بعقد النكاح فأشبه الجزء الشائع، فإن من خالف في ذلك قد سلمه.

مسألة 34: (إلا الظفر والسن والشعر والريق والدمع ونحوه لا تطلق به) لأنه جزء ينفصل عنها في حال السلامة فلم تطلق بطلاقه كالحمل والريق، ولأن الشعر لا روح فيه ولا ينقض الوضوء مسه فأشبه العرق والريق واللبن، وقيل: تطلق إذا طلق الظفر والشعر والسن لأنه جزء يستباح بنكاحها أشبه الإصبع، ولنا ما سبق. وأما الإصبع فإنها لا تنفصل في حال السلامة، بخلاف السن فإن مآله إلى الانفصال والدمع والعرق والحمل والريق متفق عليها لا نعلم فيها خلافًا.

مسألة 35: (وإن قال: أنت طالق نصف تطليقة أو أقل من هذا طلقت واحدة) لأن الطلقة لا تتبعض فتقع كلها، لأن ذكر ما لا يتبعض في الطلاق مثل ذكر جميعه كما لو قال نصفك طالق، قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أنها تطلق بذلك إلا داود.

[باب الرجعة]
(وإذا طلق الرجل امرأته بعد الدخول بغير عوض أقل من ثلاث أو العبد أقل من اثنتين فله رجعتها ما دامت في العدة لقوله سبحانه: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} [البقرة: 228] يعني في العدة، ذكر ذلك بعد قوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] والمراد بهذه الآية المدخول بها بدليل أن غير المدخول بها ليس عليها عدة بقوله: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49] .

(1/453)


(36) والرجعة أن يقول لرجلين من المسلمين: اشهدا أنني قد راجعت زوجتي أو رددتها أو أمسكتها، من غير ولي ولا صداق يزيده ولا رضائها
(37) وإن وطئها كان رجعة
(38) والرجعية زوجة يلحقها الطلاق والظهار
(39) ولها التزين لزوجها والتشرف له، وله وطؤها والخلوة والسفر بها
(40) وإذا ارتجعها عادت على ما بقي من طلاقها، ولو تركها حتى بانت ثم نكحت زوجا غيره ثم بانت منه وتزوجها الأول رجعت إليه على ما بقي من طلاقها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 36: (والرجعة أن يقول لرجلين من المسلمين: اشهدا أنني قد راجعت زوجتي أو رددتها أو أمسكتها، من غير ولي ولا صداق يزيده ولا رضاها) للآية.

مسألة 37: (وإن وطئها كانت رجعة) سواء نوى الرجعة أو لم ينو، لأن سبب زوال الملك انعقد مع الخيار، فالوطء من المالك يمنع زوال الملك كوطء البائع في مدة الخيار.

مسألة 38: (والرجعية زوجة) بدليل أن الله سبحانه سمى الرجعة إمساكًا بقوله سبحانه: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] وسمى المطلقين بعولة فقال عز من قائل: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228] ، (فيلحقها طلاقه وظهاره) ولعانه وخلعه، ويرثها وترثه، لأنها زوجته فثبت فيها ذلك كما قبل الطلاق.

مسألة 39: (ولها التزين لزوجها والتشرف له، وله وطؤها والخلوة والسفر بها) لذلك، ولأن الله سبحانه قال: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ} [المؤمنون: 6] وهذه زوجة فيباح له منها ما يباح من الزوجات.

مسألة 40: (وإذا ارتجعها عادت على ما بقي من طلاقها) ولا تخلو المطلقة من ثلاثة أحوال:
الأول: أن يطلقها ثلاثًا فتنكح زوجًا غيره ويصيبها ثم يتزوجها الأول، فهذه تعود إليه على طلاق ثلاث بإجماع منهم، قاله ابن المنذر.
والثاني: أن يطلقها دون الثلاث ثم تعود إليه برجعة أو نكاح جديد قبل زوج ثان، فهذه تعود إليه على ما بقي من طلاقها بغير خلاف نعلمه.

(1/454)


(41) وإذا اختلفا في انقضاء عدتها فالقول قولها مع يمينها إذا دعت من ذلك ممكنا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
الثالث: طلقها دون الثلاث فقضت عدتها ثم نكحت غيره ثم تزوجها الأول، فإنها تعود إليه على ما بقي من الثلاث، وهو قول الأكابر من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، عمر وعلي وأبيّ ومعاذ وعمران بن حصين وأبي هريرة وزيد وعبد الله بن عمر. وعنه تعود إليه على طلقات ثلاث، وهو قول ابن عمر وابن عباس لأن وطء الزوج الثاني مثبت للحل فيثبت حلًا يتسع لثلاث طلقات كما بعد الثلاث، ولأن وطء الثاني يهدم الطلقات الثلاث فأولى أن يهدم ما دونها.
ودليل الأولى أن وطء الثاني لا يحتاج إليه لإحلال الزوج الأول فلا يعتبر حكم الطلاق كوطء السيد ولأنه تزويج قبل استيفاء الثلاث فأشبه ما لو رجعت إليه قبل وطء الثاني. وقولهم: إن وطء الثاني يثبت الحل فلا يصح لوجهين: أحدهما: منع كونه مثبتًا للحل أصلًا، وإنما هو في الطلاق الثلاث غاية للتحريم بدليل قوله: {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] وحتى للغاية، وإنما سمى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الزوج الذي قصد الحلية محللًا تجوزًا بدليل أنه لعنه، ومن أثبت حلًا لا يستحق لعنًا. الثاني: أن الحل إنما يثبت في محل فيه تحريم وهي المطلقة ثلاثًا، وهاهنا هي حلال له فلا يثبت فيها حل آخر، وقولهم: إنه يهدم الطلاق، قلنا: بل هو غاية لتحريمه، وما دون الثلاث لا تحريم فيه فلا يكون غاية له.

مسألة 41: (وإذا اختلفا في انقضاء عدتها فالقول قولها مع يمينها إذا ادعت من ذلك ممكنًا) لقول الله سبحانه: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] فلولا أن قولهن مقبول ما حرم عليهن كتمانه كالشهود لما حرم عليهم كتمان الشهادة دل على قبولها منهم.
وقوله: " إذا ادعت من ذلك ممكنًا " يعني أنها تدعي انقضاء عدتها بالقروء في زمان يمكن انقضاؤها فيه كالشهرين ونحوهما، وإن ادعت انقضاءها في مدة لا يمكن انقضاؤها فيها لم تسمع دعواها، مثل أن تدعي انقضاءها بالقروء في أقل من ثمانية وعشرين يومًا إذا قلنا الأقراء الأطهار، أو في أقل من تسعة وعشرين يومًا إذا قلنا: هي الحيض، لأننا نعلم كذبها، وإن ادعت انقضاءها بالقروء في شهر لم تقبل دعواها إلا ببينة لأنه يروى عن علي

(1/455)


(42) وإن ادعى الزوج بعد انقضاء عدتها أنه قد راجعها في عدتها فأنكرته فالقول قولها
(43) وإن كانت له بينة حكم له بها، فإن كانت قد تزوجت ردت إليه سواء كان دخل بها الثاني أو لم يدخل بها
باب العدة (44) ولا عدة على من فارقها زوجها في الحياة قبل المسيس والخلوة لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49]
(45) والمعتدات ينقسمن أربعة أقسام: إحداهن: أولات الأحمال، فعدتهن أن يضعن حملهن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
ولأنه يندر جدًا فيرجع ببينة، فإذا زاد على الشهرين لم يندر كندرته في الشهر فقبل من غير بينة.

مسألة 42: (وإن ادعى الزوج بعد انقضاء عدتها أنه قد كان راجعها في عدتها فأنكرته فالقول قولها) بإجماعهم، لأنه ادعاها في زمن لا يملكها، والأصل عدم الرجعة وحصول البينونة.

مسألة 43: (وإن كانت له بينة حكم له بها) لقوله: " البينة على المدعي "، (وإن كانت قد تزوجت ردت إليه سواء دخل بها الثاني أو لم يدخل بها) لأنها زوجته فترد إليه كما لو لم يتزوج.

[باب العدة]
مسألة 44: (ولا عدة على من فارقها زوجها في الحياة قبل المسيس، لقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49] .

مسألة 45: (والمعتدات ينقسمن أربعة أقسام: إحداهن: أولات الأحمال، أجلهن

(1/456)


(46) ولو كانت حاملا بتوأمين لم تنقض عدتها حتى تضع الثاني منهما
(47) والحمل الذي تنقضي به العدة وتصير به الأمة أم ولد ما يتبين فيه خلق الإنسان. الثاني: اللاتي توفي أزواجهن، يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا
(48) والإماء على النصف من ذلك، وما قبل المسيس وما بعده سواء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
أن يضعن حملهن) حرائر كن أو إماء، من فرقة الحياة أو الممات، لقوله سبحانه: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] .

مسألة 46: (ولو كانت حاملًا باثنين لم تنقض عدتها حتى تضع الثاني منهما) للآية.

مسألة 47: (والحمل الذي تنقضي به العدة ما يتبين فيه شيء من خلق الإنسان) لأنه ولد. (الثاني: اللاتي توفي أزواجهن يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرًا) إن كانت حرة، وشهرين وخمسة أيام إن كانت أمة، وسواء مات قبل الدخول أو بعده إذا لم تكن حاملًا، لقوله سبحانه: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوت ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا» متفق عليه.

مسألة 48: (والأمة على النصف من ذلك) لأن الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - اتفقوا على أن عدة الأمة المطلقة نصف عدة الحرة، فيجب أن يكون المتوفى عنها زوجها عدتها نصف عدة الحرة.
(الثالث: المطلقات من ذوات القروء يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء، وقرء الأمة حيضتان) لما روى ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «طلاق الأمة طلقتان، وقرؤها حيضتان» .

[فصل في المقصود بالأقراء]
فصل: وفي الأقراء روايتان: إحداهما: هي الحيض لهذا الخبر، وقول الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «تدع الصلاة أيام أقرائها» رواه أبو داود،. وقال لفاطمة: " «فإذا أتى

(1/457)


الثالث: المطلقات من ذوات القروء يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء، وقرء الأمة حيضتان
الرابع: اللاتي يئسن من المحيض فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن، والأمة شهران
(49) ويشرع التربص مع العدة في ثلاثة مواضع: أحدها: إذا ارتفع حيض المرأة لا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
قرؤك فلا تصلي، وإذا مر قرؤك فتطهري ثم صلي ما بين القرء إلى القرء» رواه النسائي، ولأنه معنى يستبرأ به الرحم فكان بالحيض كاستبراء الأمة. والثانية: القروء للأطهار لقوله سبحانه: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أي في عدتهن، وإنما تطلق في الطهر، فإذا قلنا: هي الحيض لم يحتسب بالحيضة التي طلقها فيها حتى تأتي بثلاث كاملة بعدها لقوله سبحانه: {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] فتتناول الكاملة، فإذا انقطع دمها من الثالثة حلت في إحدى الروايتين لأن ذلك آخر القروء، وفي الأخرى لا تحل حتى تغتسل من الحيضة الثالثة لأنه يروى عن الأكابر من الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أبي بكر وعثمان وعبادة وأبي موسى وأبي الدرداء - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وإن قلنا: الأقراء الأطهار احتسبت بالطهر الذي طلقها فيه قرءًا ولو بقي منه لحظة لقوله سبحانه: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أي في عدتهن، وإنما يكون في عدتهن إذا احتسبن به، ولأن الطلاق إنما جعل في الطهر دون الحيض كي لا يضر بها فتطول عدتها، ولو لم تحتسب ببقية الطهر قرءًا لم تقض عدتها بالطلاق فيه، وآخر العدة آخر الطهر الثالث إذا رأت الدم بعده انقضت عدتها. (الرابع: اللاتي يئسن من المحيض فعدتهن ثلاثة أشهر، واللاتي لم يحضن) لقوله سبحانه: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] هذا إذا كانت حرة (وإن كانت أمة فعدتها شهران) لأن كل شهر مكان قرء وعدتها بالأقراء قرآن، وعنه عدتها ثلاثة أشهر لعموم الآية، ولأن اعتبار الشهور لمعرفة براءة الرحم ولا تحصل بأقل من ثلاثة، وعنه عدتها شهر ونصف لأن عدتها نصف عدة الحرة، وعدة الحرة ثلاثة أشهر فنصفها شهر ونصف، وإنما كملنا الأقراء لتعذر تنصيفها، وتنصيف الأشهر ممكن.

مسألة 49: (ويشرع التربص مع العدة في ثلاثة مواضع: أحدها: إذا ارتفع حيضها

(1/458)


تدري ما رفعه، فإنها تتربص تسعة أشهر ثم تعتد عدة الآيسات
(50) وإن عرفت ما رفع الحيض لم تزل في عدة حتى يعود الحيض فتعتد به، الثاني: المفقود الذي فقد في مهلكة أو من بين أهله فلم يعلم خبره، تتربص أربع سنين ثم تعتد للوفاة، وإن فقد في غير هذا كالمسافر للتجارة ونحوها لم تنكح حتى تتيقن موته، الثالث: إذا ارتابت المرأة بعد انقضاء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
لا تدري ما رفعه، فإنها تتربص تسعة أشهر ثم تعتد عدة الآيسات) تسعة أشهر للحمل لأنها غالب مدته ثم تعتد بعد ذلك ثلاثة أشهر عدة الآيسات، قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هذه فتيا عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بين المهاجرين والأنصار، ولم ينكرها منكر علمناه فصار إجماعًا.

مسألة 50: (وإن عرفت ما رفع الحيض) من مرض أو رضاع أو نفاس (فإنها تنتظر زوال العارض وعود الدم وإن طال، فإن عاد الدم اعتدت به) وروى الأثرم بإسناده عن محمد بن يحيى بن حبان أنه كان عند جده امرأتان هاشمية وأنصارية فطلق الأنصارية وهي ترضع فمرت بها سنة ثم هلك ولم تحض، فقالت الأنصارية: لم أحض، فاختصموا إلى عثمان فقضى لها بالميراث، فلامت الهاشمية عثمان فقال: هذا عمل ابن عمك، هو أشار علينا بهذا، يعني علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. (الثاني: امرأة المفقود الذي انقطع خبره) وهو قسمان: أحدهما: أن تكون غيبة ظاهرها الهلاك كالذي يفقد من بين أهله ليلًا أو نهارًا أو في مفازة مهلكة أو بين الصفين فإن زوجته (تتربص أربع سنين) أكثر مدة الحمل (ثم تعتد للوفاة) أربعة أشهر وعشرًا وتحل للأزواج، وهو قول عمر وعلي وابن عمر وابن الزبير، قال الإمام أحمد: من ترك هذا القول أي شيء يقول؟ هو عن خمسة من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. القسم الثاني: (من انقطع خبره لغيبة ظاهرها السلامة) كالتاجر والسائح (فإن امرأته تبقى أبدًا إلى أن تتيقن موته) لأنها زوجته بيقين فلا تزول بالشك، روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وعنه إذا مضى له تسعون سنة قسم ماله، وهذا يقتضي أن زوجته تعتد عدة الوفاة ثم تتزوج، قال أصحابنا: إنما اعتبروا التسعين سنة من يوم ولادته لأن الظاهر أنه لا يعيش أكثر من هذا العمر فإذا اقترن به انقطاع خبره وجب الحكم بموته كما لو كان فقده لغيبة ظاهرها الهلاك، والمذهب الأول لأن هذه غيبة ظاهرها السلامة فلم يحكم بموته كما قبل الأربع سنين أو كما قبل التسعين. (الثالث: إذا ارتابت المرأة قبل قضاء عدتها لظهور أمارات الحمل) من الحركة وانتفاخ البطن وانقطاع الحيض (لم تنكح حتى تزول الريبة)

(1/459)


عدتها لظهور أمارات الحمل لم تنكح حتى تزول الريبة فإن نكحت لم يصح النكاح، وإن ارتابت بعد نكاحها لم يبطل نكاحها إلا إن علمت أنها نكحت وهي حامل
(51) ومتى نكحت المعتدة فنكاحها باطل ويفرق بينهما
(52) وإن فرق بينهما قبل الدخول أتمت عدة الأول، وإن كان بعد الدخول بنت على عدة الأول من حين دخل بها الثاني واستأنفت العدة للثاني
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
وذلك أن المرتابة لا تخلو من ثلاثة أحوال: أحدها: أن تحدث لها الريبة قبل انقضاء عدتها فإنها تبقى في حكم الاعتداد حتى تزول الريبة، فإن بان حمل انقضت عدتها بوضعه، وإن زال وبان أنه ليس بحمل تبينا أن عدتها انقضت بمضي الأقراء والشهور، فإن تزوجت قبل زوال الريبة لم يصح النكاح لأنها تزوجت وهي في حكم المعتدة في الظاهر. الثاني: أن تظهر الريبة بعد قضاء العدة والتزويج فالنكاح صحيح، لأنه وجد بعد انقضاء العدة، والحمل مع الريبة مشكوك فيه، فلا يزول به ما حكم بصحته، لكن لا يحل لزوجها وطؤها لأنا شككنا في صحة النكاح، ثم ننظر فإن وضعت الولد لأقل من ستة أشهر منذ تزويجها الثاني ووطئها فنكاحه باطل لأنه نكحها وهي حامل، وإن أتت به لأكثر من ذلك فالولد لاحق به والنكاح صحيح. الحال الثالث: ظهرت الريبة بعد قضاء العدة وقبل النكاح، ففيه وجهان: أحدهما: لا يحل لها أن تتزوج، فالنكاح باطل لأنها تزوجت مع الشك في انقضاء العدة فلم يصح كما لو وجدت الريبة في العدة. والثاني: يحل لها النكاح ويصح لأننا حكمنا بانقضاء العدة وحل النكاح وسقوط النفقة والسكنى فلا يجوز زوال ما حكم به في الشك الطارئ، ولهذا لا ينقض الحاكم ما حكم به بتغير اجتهاده ورجوع الشهود.

مسألة 51: (ومتى نكحت المعتدة فنكاحها باطل ويفرق بينهما) لا يجوز نكاح معتدة إجماعًا أي عدة كانت لقوله سبحانه: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: 235] ، وإن تزوجت فالنكاح باطل لأنها ممنوعة من النكاح لحق الزوج الأول، فكان نكاحها باطلًا، كما لو تزوجت وهي في نكاحه، ويجب أن يفرق بينهما لذلك.

مسألة 52: (وإن فرق بينهما قبل الدخول أتمت عدة الأول) ولا تنقطع بالعقد الثاني لأنه باطل لا تصير به المرأة فراشًا ولا تستحق بالعقد شيئًا (وإن فرق بينهما بعد

(1/460)


(53) وله نكاحها بعد انقضاء العدتين
(54) وإن أتت بولد من أحدهما انقضت به
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
الدخول بنت على عدة الأول وتستأنف العدة للثاني) وتقدم عدة الأول لأن حقه أسبق ولأن عدته وجبت عن وطء صحيح ولا تتداخل العدتان لأنهما من رجلين، قال أبو حنيفة: تتداخل لأن القصد معرفة براءة الرحم وهذا يحصل به براءة الرحم منهما جميعًا. ولنا ما روى الشافعي في مسنده: حدثنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار أن طلحة كانت تحت رشيد الثقفي فطلقها ونكحت في عدتها، فضربها عمر وضرب زوجها وفرق بينهما، ثم قال: أيما امرأة نكحت في عدتها فإن كان زوجها الذي تزوجها لم يدخل بها فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول وكان خاطبًا من الخطاب، وإن كان قد دخل بها فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من الأول ثم اعتدت من الآخر ولا ينكحها أبدًا. وروى بإسناده عن علي أنه قضى في التي تزوج في عدتها أنه يفرق بينهما ولها الصداق بما استحل من فرجها وتكمل ما أفسدت من عدة الأول وتعتد من الآخر، وهذان قولان سديدان من الخلفاء ولم يعرف لهما مخالف من الصحابة، ولأنهما حقان مقصودان لآدميين فلم يتداخلا كالدينين.

مسألة 53: (وله نكاحها) يعني الثاني (بعد قضاء العدتين) ، وعنه أنها تحرم عليه على التأبيد لقول عمر: لا ينكحها أبدًا، ولأنه استعجل الحق قبل وقته فحرمه في وقته كالوارث إذا قتل موروثه، ولأنه يفسد النسب فوقع التحريم المؤبد كاللعان. ولنا على إباحتها له أنه لا يخلو إما أن يكون تحريمها بالعقد أو بالوطء في النكاح الفاسد أو بهما، وجميع ذلك لا يقتضي التحريم، بدليل ما لو زنى بها، وما روي عن عمر في تحريمها فقد خالفه علي، وروي عن عمر أنه رجع عن قوله في التحريم إلى قول علي، فإن عليًا قال: فإذا انقضت عدتها فهو خاطب من الخطاب، فقال عمر: ردوا الجهالات إلى السنة ورجع إلى قول علي، وقياسه يبطل بما لو زنى بها فإنه استحل وطئها ولا تحرم عليه على التأبيد.

مسألة 54: (وإن أتت بولد من أحدهما انقضت عدتها به منه واعتدت للآخر) فإن كان يمكن أن يكون من الأول دون الثاني - وهو أن تأتي به لدون ستة أشهر من وطء الثاني وأربع سنين فما دونها من فراق الأول - فإنه يلحق الأول وتنقضي به عدتها منه ثم تعتد بثلاثة أقراء عن الثاني، وإن أتت به لستة أشهر فما زاد إلى أربع سنين من وطء الثاني

(1/461)


عدته واعتدت للآخر
(55) وإن أمكن أن يكون منهما أري القافة فألحق بمن ألحقوه منهما وانقضت به عدتها منه واعتدت للآخر
باب الإحداد وهو واجب على من توفي عنها زوجها، وهو اجتناب الزينة، والطيب والكحل بالإثمد، ولبس المصبوغة للتحسين، لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا» ولا تلبس مصبوغا إلا ثوب عصب، ولا تكتحل ولا تمس طيبا إلا إذا اغتسلت نبذة من قسط أو أظفار
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
ولأكثر من أربع سنين منذ بانت من الأول فهو يلحق الثاني دون الأول فتنقضي به عدتها من الثاني ثم تتم عدة الأول، وتقدم هاهنا عدة الثاني على عدة الأول لأنه لا يجوز أن يكون الحمل من إنسان وتعتد به من غيره.

مسألة 55: (وإن أمكن أن يكون منهما) وهو أن تأتي لستة أشهر فصاعدًا من وطء الثاني ولأربع سنين فما دونها من بينونتها من الأول (أري القافة فإن ألحقته بالأول لحق به كما لو أمكن أن يكون منه دون الثاني وانقضت به عدتها منه واعتدت للآخر) وإن ألحقته بالثاني لحق به وانقضت به عدتها منه واعتدت للآخر.
1 -
فصل: وإن أشكل أمره على القافة أو لم يكن قافة لزمها أن تعتد بعد وضعه بثلاثة أقراء؛ لأنه إن كان من الأول فقد أتت بما عليها من عدة الثاني، وإن كان من الثاني فعليها أن تكمل عدة الأول ليسقط الفرض بيقين.

[باب الإحداد]
(وهو واجب على المتوفى عنها زوجها) لما روت أم عطية أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا تحد المرأة فوق ثلاثة أيام إلا على زوجها، فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرًا» (رواه أبو داود) (ولا تلبس ثوبًا مصبوغًا إلا ثوب عصب، ولا تكتحل، ولا تمس طيبًا) الاعتداد في طهرها إذا طهرت من حيضها بنبذة من قسط أو أظفار متفق عليه، وفي حديث أم سلمة: «لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشق ولا الحلي ولا تختضب ولا تكتحل»

(1/462)


(56) وعليها المبيت في منزلها الذي وجبت عليها العدة وهي ساكنة فيه إذا أمكنها ذلك
(57) فإن خرجت لسفر أو حج فتوفي زوجها وهي قريبة رجعت لتعتد في بيتها، وإن تباعدت مضت في سفرها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
رواه النسائي، وهو اجتناب الطيب والكحل بالإثمد ولبس الثياب المصبوغة لحديث أم عطية وأم سلمة.

مسألة 56: (وعليها المبيت في منزلها الذي وجبت عليها العدة وهي ساكنة فيه) روي ذلك عن عمر وابنه وأم سلمة، لما «روت فريعة بنت مالك بن سنان أنها " جاءت إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبرته أن زوجها خرج في طلب أعبد له فقتلوه، فسألت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن أرجع إلى أهلي فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: نعم. قالت: فخرجت حتى إذا كنت في الحجرة - أو في المسجد - دعاني فقال: كيف قلت؟ فرددت عليه القصة، فقال: امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله، فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرًا، فلما كان عثمان بن عفان أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به» رواه مالك في موطئه وأبو داود والأثرم، وهو حديث صحيح، فعلى هذا يجب عليها أن تعتد فيه سواء كان ملكًا لزوجها أو معه بأجرة أو عارية؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لفريعة: " امكثي في بيتك " ولم تكن في بيت يملكه زوجها. وفي بعض الألفاظ: «اعتدي في البيت الذي أتاك فيه نعي زوجك» ، فإن أتاها الخبر في غير مسكنها رجعت إلى مسكنها للخبر، وهذا إذا أمكنها ذلك، فإن لم يمكنها بأن يحولها مالكه أو تخشى من هدم أو غرق أو عدو فإنها تنتقل لأنه عذر، ولأن القعود للعدة لدفع الضرر عن الزوج في حفظ نسب ولده، والضرر لا يزال بالضرر.

مسألة 57: (وإن خرجت لسفر أو حج فتوفي زوجها وهي قريبة رجعت لتعتد في بيتها) لأنها في حكم الإقامة (وإن تباعدت خيرت بين البلدين) لأن البلدين تساويا فكانت الخيرة إليها فيما المصلحة لها فيه، لأنها أخبر بمصلحتها، وإن خشيت فوات الحج مضت

(1/463)


(58) والمطلقة ثلاثا مثلها إلا في الاعتداد في بيتها
باب نفقة المعتدات وهن ثلاثة أقسام:
أحدها: الرجعية، ومن يمكن زوجها إمساكها فلها النفقة والسكنى، ولو أسلم زوج الكافرة أو ارتدت امرأة المسلم فلا نفقة لهما، وإن أسلمت امرأة الكافر أو ارتد زوج المسلمة بعد الدخول فلهما نفقة العدة. الثاني: البائن في الحياة بطلاق أو فسخ فلا سكنى لها بحال (59) ولها النفقة إن كانت حاملا وإلا فلا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
في سفرها لأنهما عبادتان استويتا في الوجوب وضيق الوقت فوجب أن يقدم الأسبق منهما كما لو كانت العدة أسبق.

مسألة 58: (والمطلقة ثلاثًا مثلها إلا في الاعتداد في بيتها) فلا تجب عليها العدة في منزله وتعتد حيث شاءت نص عليه، لما «روت فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب فأرسل إليها وكيله بشعير، فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء. فجاءت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكرت ذلك له فقال: " ليس لك عليه نفقة ولا سكنى " وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك، ثم قال: " تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي في بيت ابن أم مكتوم» متفق عليه.

[باب نفقة المعتدات]
(وهي ثلاثة أقسام: أحدها: الرجعية، وهي من يمكن زوجها إمساكها، فلها النفقة والسكنى) والكسوة كالزوجة سواء لأنها زوجة يلحقها طلاقه وظهاره وإيلاؤه فكانت لها النفقة كغير المطلقة.
(الثاني: البائن في الحياة بطلاق أو فسخ، فإن لم تكن حاملا فلا سكنى لها بحال ولا نفقة) ، وهو قول علي وابن عباس وجابر، ودليله حديث فاطمة بنت قيس، ولأنها محرمة عليه أشبهت الأجنبية.
مسألة 59: (ولها النفقة والسكنى إن كانت حاملًا) بإجماع أهل العلم لقوله

(1/464)


الثالث: التي توفي عنها زوجها فلا نفقة لها ولا سكنى.

باب استبراء الإماء وهو واجب في ثلاثة مواضع: أحدها: من ملك أمة لم يصبها حتى يستبرئها) (الثاني: أم الولد والأمة التي يطؤها سيدها لا يجوز له تزويجها حتى يستبرئها)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
سبحانه: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6] إلى قوله: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] وفي بعض ألفاظ حديث فاطمة: «لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملًا» ، ولأن الحمل ولده فيلزمه الإنفاق عليه، ولا يمكنه الإنفاق عليه إلا بالإنفاق عليها فوجبت كما وجبت أجرة الرضاع.
(الثالث: المتوفى عنها زوجها فلا نفقة لها ولا سكنى) إن كانت حائلًا، وإن كانت حاملًا ففيه روايتان: إحداهما: لها النفقة والسكنى لأنها حامل أشبهت المفارقة في الحياة، والثانية: لا نفقة لها ولا سكنى، قال القاضي: وهي أصح لأن المال قد صار للورثة، ونفقة الحامل إنما هي للحمل أو من أجله، ونفقة الحمل من نصيبه من الميراث كما بعد الولادة.

[باب استبراء الإماء]
(وهو واجب في ثلاثة مواضع: أحدها: من ملك أمة لم يصبها حتى يستبرئها) وكذا لا يحل له الاستمتاع بها بمباشرة وقبلة حتى يستبرئها، لما روى أبو سعيد " أن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن سبايا أوطاس أن توطأ حامل حتى تضع، ولا حائل حتى تحيض حيضة» رواه الإمام أحمد في المسند، وروى الأثرم عن رويفع بن ثابت قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول يوم حنين: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي ماءه زرع غيره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يطأ جارية من السبي حتى يستبرئها بحيضة» (رواه أبو داود) . . ولأنه إذا وطئها قبل استبرائها أدى إلى اختلاط المياه وفساد الأنساب.
(الثاني: أم الولد والأمة التي يطأها سيدها لا يجوز له تزويجها حتى يستبرئها) لأن الزوج لا يلزمه استبراؤها، فإذا لم يستبرئها السيد أفضى إلى اختلاط المياه واشتباه الأنساب.

(1/465)


(الثالث: إذا أعتقهما سيدهما أو عتقا بموته لم ينكحا حتى يستبرئا أنفسهما
(60) والاستبراء في جميع ذلك بوضع الحمل إن كانت حاملا، أو حيضة إن كانت تحيض
(أو شهر (61) إن كانت آيسة أو من اللائي لم يحضن
أو عشرة أشهر (62) إن ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
(الثالث: إذا أعتقهما سيدهما أو عتقا بموته) يعني أم الولد والأمة كأن يصيبهما (لم ينكحا حتى يستبرئا أنفسهما) لأنهما صارتا فراشًا له.

مسألة 60: (والاستبراء) يحصل (في جميع ذلك بوضع الحمل إن كانت حاملًا، أو بحيضة إن كانت ممن تحيض) لما روى أبو سعيد.

مسألة 61: (وإن كانت من الآيسات أو ممن لم يحضن) كالصغيرة ففيها ثلاث روايات: إحداهن: تستبرأ بشهرين كعدة الأمة، الثانية: (تستبرأ بشهر) لأن الشهر أقيم مقام الحيضة في عدة الحرة والأمة، والثالثة بثلاثة أشهر، قال أحمد بن القاسم: قلت لأبي عبد الله: كيف جعلت ثلاثة أشهر مكان الحيضة وإنما جعل الله في القرآن الكريم مكان كل حيضة شهرًا؟ فقال: من أجل الحمل فإنه لا يتبين في أقل من ذلك، فإن عمر بن عبد العزيز سأل عن ذلك وجمع أهل العلم والقوابل فأخبروا أن الحمل لا يتبين في أقل من ثلاثة أشهر، فأعجبه ذلك. ثم قال: ألا تسمع قول ابن مسعود: إن النطفة أربعين يومًا ثم علقة أربعين يومًا ثم مضغة بعد ذلك، فإذا خرجت الثمانون صار بعدها مضغة وهي لحم فيتبين حينئذ، وهذا معروف عند النساء.

مسألة 62: (وإن ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه استبرأت بعشرة أشهر) تسعة للحمل وشهر مكان الحيضة، وعنه سنة: تسعة أشهر للحمل لأنها غالب مدته في حق الحرائر والإماء، وثلاثة أشهر مكان الثلاثة التي تستبرأ بها الآيسات، وعنه في أم الولد إذا مات سيدها اعتدت أربعة أشهر وعشرًا لما روى عن عمرو بن العاص أنه قال: لا تفسدوا علينا سنة نبينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها أربعة أشهر وعشر. ولأنه استبراء الحرة من الوفاة أشبهت الحرة، والأول أصح، وخبر عمرو لا يصح قاله أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق