9مصاحف

9 مصاحف روابط 9 مصاحف

     تفسير القرطبي

السبت، 13 فبراير 2021

اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا

 ...........

https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiOCh2tIZjBRAzvzy62PcYu75Y6plxgfEtnYjUb-fhtKm8nG1DM14i-O8Py4pQLwqsH-lcePi1yBClY7yi6WdXY6OmveaUe-VmoFmbFWDfzgUawhWoc6bCpO4yXM688BZbuuqqnk8S42ck/w1600/%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2584%25D9%2587%25D9%2585+%25D8%25A7%25D9%2586%25D9%2583+%25D8%25B9%25D9%2581%25D9%2588+%25D8%25AA%25D8%25AD%25D8%25A8+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B9%25D9%2581%25D9%2588+%25D9%2581%25D8%25A7%25D8%25B9%25D9%2581+%25D8%25B9%25D9%2586%25D8%25A7.jpg

 

 

 

 

 

 

 

 

 

كتاب النكاح النكاح من سنن المرسلين


العدة شرح العمدة





بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب النكاح النكاح من سنن المرسلين
(1) وهو أفضل من التخلي منه لنفل العبادة لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رد على عثمان بن مظعون التبتل وقال: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»
(2) ومن أراد خطبة امرأة فله النظر منها إلى ما يظهر عادة كوجهها وكفيها وقدميها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
[كتاب النكاح]
(النكاح من سنن المرسلين) قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني» (رواه ابن ماجه) وقال سعد: «لقد رد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على عثمان بن مظعون التبتل ولو أحله له لاختصينا» متفق عليه.

مسألة 1: (وهو أفضل من التخلي منه) لحديث عثمان بن مظعون والذي قبله، فإن أقل أحوالهما الندب إلى النكاح والكراهية لتركه، إلا أن يكون لا شهوة له كالعنين والشيخ الكبير، ففيه وجهان: أحدهما: النكاح له أفضل لدخوله في عموم الأخبار، والثاني: تركه أفضل لأنه لا تحصل منه مصلحة النكاح، ويمنع زوجته من التحصين بغيره، ويلزم نفسه واجبات وحقوقًا ربما عجز عنها. وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإن الصوم له وجاء» فخاطب الشباب بذلك، متفق عليه.

مسألة 2: (ومن أراد خطبة امرأة فله النظر منها إلى ما يظهر منها عادة كوجهها وكفيها وقدميها) لما روى جابر قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا خطب أحدكم المرأة فإن

(1/387)


(3) ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه، إلا أن لا يسكن إليه
(4) ولا يجوز التصريح بخطبة معتدة
(5) ويجوز التعريض بخطبة البائن خاصة فيقول: لا تفوتيني بنفسك، وأنا في مثلك لراغب ونحو ذلك
(6) ولا ينعقد النكاح إلا بإيجاب من الولي أو نائبه، فيقول: أنكحتك أو زوجتك) (وقبول من الزوج أو نائبه فيقول: قبلت أو تزوجت
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل» رواه أبو داود، وينظر إلى وجهها لأنه مجمع المحاسن، وموضع النظر، وليس بعورة.

مسألة 3: (ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه، إلا أن لا يسكن إليه) لما روى ابن عمر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه» ، وعن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك» متفق عليه.

مسألة 4: (ولا يجوز التصريح بخطبة معتدة) لقوله سبحانه: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235] ، فوجه الحجة أن تخصيص التعريض بالإباحة دليل على تحريم التصريح، ولأن التصريح لا يحتمل غير النكاح، فلا يأمن أن يحملها الحرص عليه على الإخبار بانقضاء عدتها قبل انقضائها، بخلاف التعريض.

مسألة 5: (ويجوز التعريض بخطبة البائن خاصة فيقول: " لا تفوتيني بنفسك، وإني في مثلك لراغب " ونحو ذلك) ويجوز في عدة الوفاة، وللبائن بطلاق ثلاث، لقوله سبحانه: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235] ، «وروت فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص بن المغيرة طلقها آخر ثلاث تطليقات، فأرسل إليها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " لا تستفتي بنفسك " وفي لفظ " إذا حللت فآذنيني» (رواه ابن ماجه) وفي لفظ «لا تفوتينا بنفسك» وهذا تعريض بخطبتها في العدة.

مسألة 6: (ولا ينعقد النكاح إلا بإيجاب من الولي أو نائبه، فيقول: أنكحتك أو

(1/388)


،
(7) ويستحب أن يخطب قبل العقد بخطبة ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: «علمنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التشهد في الحاجة: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ويقرأ ثلاث آيات: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102] الآية {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} [النساء: 1] الآية {اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] {يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [الأحزاب: 71] »
(8) ويستحب إعلان النكاح والضرب عليه بالدف للنساء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
زوجتك) لأن ما سواهما لا يأتي على معنى النكاح فلا ينعقد به كلفظ الإحلال، ولأن الشهادة شرط في النكاح وهي واقعة على اللفظ، وغير هذا اللفظ ليس بموضوع النكاح، وإنما يصرف إليه بالنية ولا شهادة عليها فيخلو النكاح على الشهادة (ولا ينعقد مع الإيجاب إلا بالقبول من الزوج أو نائبه فيقول: قبلت هذا النكاح أو تزوجت) وإن اقتصر على " قبلت " صح، لأن القبول يرجع إلى ما أوجبه الولي، كما في البيع، وإنما اشترط القبول لينعقد النكاح كما في البيع.

مسألة 7: (ويستحب أن يخطب قبل العقد بخطبة ابن مسعود التي قال: «علمنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التشهد في الحاجة: " إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله " ويقرأ ثلاث آيات: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] ، {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] ، {اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] {يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [الأحزاب: 71] » الآية، رواه الترمذي.

مسألة 8: (ويستحب إعلان النكاح والضرب عليه بالدف) ، لما روي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: " «أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدف» أو كما قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (رواه الترمذي) .

(1/389)


باب ولاية النكاح لا نكاح إلا بولي
(9) وشاهدين من المسلمين
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
[باب ولاية النكاح]
(لا نكاح إلا بولي) لما روت عائشة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا نكاح إلا بولي» قال الإمام أحمد: هذا حديث صحيح، وعنه أن للمرأة تزويج معتقها وأمتها، فيخرج منه صحة تزويج نفسها بإذن وليها وتزويج غيرها بالوكالة، لما روت عائشة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «أيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل، فإن أصابها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له» رواه أبو داود والترمذي، فمفهومه صحته بإذنه، ولأن المنع لحقه فجاز بإذنه كنكاح العبد، والأول المذهب لعموم الخبر، ولأن المرأة غير مأمونة على البضع لنقص عقلها وسرعة انخداعها فلم يجز تفويضه إليها كالمبذر في المال، بخلاف العبد فإن المنع لحق الولي خاصة، وإنما ذكر تزويجها بغير إذن وليها لأنه الغالب، إذ لو رضي لكان هو المباشر له دونها.

مسألة 9: (ولا ينعقد إلا بشاهدين من المسلمين) لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " «لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل» رواه أبو بكر الخلال وابن بطة بإسنادهما. وروى الدارقطني عن عائشة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا بد في النكاح من أربعة: الولي، والزوج، والشاهدان» " ولأنه يتعلق به حق لغير المتعاقدين - وهو الولد - فاشترطت فيه الشهادة لئلا يتجاحداه فيضيع نسبه. وتشترط في الشهود شروط، منها العدالة لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل» ، ومنها أن يكونا ذكرين لما روى أبو عبيدة في كتاب الأموال عن الزهري أنه قال: مضت السنة أن لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا في النكاح ولا في

(1/390)


(10) وأولى الناس بتزويج الحرة أبوها ثم أبوه وإن علا، ثم ابنها ثم ابنه وإن نزل، ثم الأقرب فالأقرب من عصباتها، ثم معتقها، ثم الأقرب فالأقرب من عصباته، ثم السلطان
(11) ووكيل كل واحد من هؤلاء يقوم مقامه
(12) ولا يصح تزويج أبعد مع وجود
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
الطلاق، ومنها البلوغ لأن الصبي لا شهادة له، ومنها العقل لأن المجنون والطفل ليسا من أهل الشهادة.

مسألة 10: (وأولى الناس بتزويج المرأة الحرة أبوها) لأنه أشفق عصباتها، ويلي مالها عند تمام رشدها، (ثم أبوه وإن علا) لأنه أب (ثم ابنها ثم ابنه وإن نزل) لأنه عدل من عصباتها فيلي نكاحها كأبيها، وقدم على سائر العصبات لأنه أقربهم نسبًا وأقواهم تعصيبًا فقدم كالأب، ثم أخوها لأبويها ثم لأبيها، لأن الأخ من الأبوين مقدم على الأخ من الأب في الميراث فكذلك في الولاية، وعنه يقدم الابن على الجد لأنه أقوى تعصيبًا منه، وعنه التسوية بين الأخ والجد لاستوائهما في الإرث بالتعصيب، وعنه يقدم الأخ على الجد لأنه يدلي ببنوة الأب والبنوة أقوى، والمذهب الأول لأن الجد له التقدم إيلادًا وتعصيبًا فقدم عليه كالأب ثم بنو الأخ وإن نزلوا ثم العم ثم ابنه (ثم الأقرب فالأقرب من العصبات) على ترتيب الميراث، لأن الولاية لدفع العار عن النسب، والنسب في العصبات، وقدم الأقرب فالأقرب لأنه أقوى فقدم كتقديمه في الإرث، ولأنه أشفق فيقدم كالأب، (ثم السلطان) لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له» .

مسألة 11: (ووكيل كل واحد من هؤلاء يقوم مقامه) وإن كان حاضرًا لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكل أبا رافع في تزويجه ميمونة، وعمرو بن أمية في تزويجه أم حبيبة، ولأنه عقد معاوضة فجاز التوكيل فيه كالبيع.

مسألة 12: (ولا يصح تزويج الأبعد مع وجود أقرب منه) لأنه نكاح تثبت أحكامه من الطلاق والخلع والتوارث فلم ينعقد كنكاح المعتدة، وعنه أنه موقوف على إجازة من له الإذن، فإن أجازه جاز وإلا بطل لما ذكرناه في تصرف الفضولي في البيع، ولما روى ابن ماجه «أن جارية بكرًا أتت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيرها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ،

(1/391)


أقرب
(13) إلا أن يكون صبيًا أو زائل العقل أو مخالفًا لدينها أو عاضلًا لها أو غائبًا غيبة بعيدة
(14) ولا ولاية لأحد على مخالف لدينه، إلا المسلم إذا كان سلطانًا أو سيد أمة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
رواه أبو داود وقال: حديث مرسل، رواه إلياس عن عكرمة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يذكروا ابن عباس.

مسألة 13: (إلا أن يكون صبيًا أو زائل العقل أو مخالفًا لدينها أو عاضلًا لها أو غائبًا غيبة بعيدة) يعني إن كان القريب على صفة من هذه الصفات زوج البعيد، أما الصبي فلا تصح ولايته لأن الولاية يعتبر لها كمال الحال، لأنها تفيد التصرف في حق الغير فاعتبرت نظرًا له، والصبي مولى عليه فهو كالمرأة، وعنه لا يشترط البلوغ في الولي، قال الإمام أحمد: إذا بلغ عشرًا زوج وتزوج وطلق، ووجهه أنه يصح بيعه ووصيته فتثبت ولايته كالبالغ، وأما المجنون فليس من أهل الولاية، وهو أيضًا مولى عليه فلا يكون وليًا كالطفل. وأما المخالف لدينها فإن كانت مسلمة وهو كافر فلا ولاية له عليها لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71] وإن كانت كافرة وهو مسلم فلا ولاية له عليها لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73] إلا سيد الأمة فإنه يلي نكاحها لكونه مالكها، أو ولي سيدها إذا كان سيدها صغيرًا وفي تزويجها مصلحة، أو السلطان فإنه يزوجها لأنه يقوم مقامها. وأما إذا عضلها القريب جاز للبعيد تزويجها لأنه تعذر التزويج من جهة الأقرب فوليها الأبعد كما لو فسق، وعنه يزوج الحاكم لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له» والأول أولى. والحديث دليل على أن السلطان يزوج من لا ولي لها وهذه لها ولي. وإن غاب القريب غيبة بعيدة زوج الأبعد لما ذكرناه، والغيبة البعيدة ما لا يقطع إلا بكلفة ومشقة في المنصوص، والمرجع في هذا إلى العرف وما جرت العادة بالانتظار فيه والمراجعة لصاحبه لعدم التحديد فيه من الشارع. وقال أبو الخطاب: يحتمل أن يحدها بما تقصر فيه الصلاة لأن الإمام أحمد قال: إذا كان الأب بعيد السفر يزوج الأخ، والسفر البعيد في الشرع ما علق عليه رخص السفر.

مسألة 14: (ولا ولاية لأحد على مخالف لدينه، إلا المسلم إذا كان سلطانًا أو سيد أمة) لما سبق.

(1/392)


فصل: وللأب تزويج أولاده الصغار ذكورهم وإناثهم وبناته الأبكار بغير إذنهم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
[فصل في تزويج الأب أولاده الصغار]
(فصل: وللأب تزويج أولاده الصغار ذكورهم وإناثهم) أما الذكور فلما روي عن عمر أنه زوج ابنه وهو صغير فاختصموا إلى زيد فأجازاه جميعًا، رواه الأثرم، ولأنه يتصرف في ماله بغير تولية فملك تزويجه كابنته الصغيرة، وسواء كان عاقلًا أو معتوهًا لأنه إذا ملك تزويج العاقل فالمعتوه أولى، وأما تزويجه للإناث فإن (للأب تزويج ابنته الصغيرة البكر) بغير خلاف، لأن الله سبحانه قال: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] فجعل للائي لم يحضن عدة ثلاثة أشهر، ولا تكون العدة ثلاثة أشهر إلا من طلاق في نكاح، فدل على أنها تزوج وتطلق، ولا إذن لها فتعتبر. وزوج أبو بكر عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهي ابنة ست ولم يستأذنها، متفق عليه، وروى الأثرم أن قدامة بن مظعون تزوج ابنة الزبير حين نفست، فقيل له، فقال: ابنة الزبير إن مت ورثتني، وإن عشت كانت امرأتي. فأما البكر البالغ ففيها روايتان: إحداهما: له إجبارها، لما روى ابن عباس قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر، وإذنها صماتها» (رواه مسلم) وإثباته الحق للأيم على الخصوص يدل على نفيه عن البكر، والرواية الأخرى: لا يجوز تزويجها إلا بإذنها لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لا تنكح البكر حتى تستأذن. قيل: يا رسول الله فكيف إذنها؟ قال: أن تسكت» متفق عليه، وعنه لا يجوز تزويج ابنة تسع إلا بإذنها لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «تستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فهو إذنها، وإن أبت فلا جواز عليها» رواه أبو داود. واليتيمة من لم تبلغ، وقد جعل لها إذنًا، وقد انتفى الإذن في حق من لم تبلغ تسعًا بالاتفاق، فيجب العمل به في حق بنت تسع لأن عائشة قالت: " إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة " رواه

(1/393)


(15) ويستحب استئذان البالغة
(16) وليس له تزويج البالغ من بنيه وبناته الثيب إلا بإذنهم
(17) وليس لسائر الأولياء تزويج صغير ولا صغيرة
(18) ولا تزويج كبيرة إلا بإذنها
(19) وإذن البكر الصمات لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى الله عليه وسلم -: «الأيم أحق بنفسها من وليها،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
الإمام أحمد في المسند. ومعناه في حكم المرأة في الإذن والأحكام، وروي مرفوعًا إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولأنها تصلح بذلك للنكاح وتحتاج إليه فأشبهت البالغة. فأما الثيب الصغيرة فهل له تزويجها؟ على وجهين: أحدهما: لا يجوز لعموم الأحاديث، والآخر: يجوز لأنها ولد صغير أشبهت الغلام.

مسألة 15: (ويستحب له استئذان البكر البالغة) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لا تنكح البكر حتى تستأذن. قالوا: يا رسول الله فكيف إذنها؟ قال: أن تسكت» متفق عليه.

مسألة 16: (وليس له تزويج البالغ من بنيه وبناته الثيب إلا بإذنهم) لعموم قوله: «الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر وإذنها صماتها» فدل على اعتبار إذنها، وأما الذكور من بنيه البالغ فليس له تزويجه بغير إذنه لأنه ذكر بالغ فلا يجوز توليه تزويجه بغير إذنه كغير الأب.

مسألة 17: (وليس لسائر الأولياء تزويج صغير) لأنه لا ولاية لهم على ماله، فكذلك نكاحه.
وأما الصغيرة ففيها ثلاث روايات: إحداهن: ليس لهم تزويجها بحال، لما روي «أن قدامة بن مظعون زوج ابنة أخيه من عبد الله بن عمر، فرفع ذلك إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: " إنها يتيمة، ولا تنكح إلا بإذنها» (رواه أحمد) والصغيرة لا إذن لها. والثانية: لهم تزويجها ولها الخيار إذا بلغت، لما روت عائشة «أن جارية بكرًا زوجها أبوها وهي كارهة، فخيرها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رواه أبو داود وقال: حديث مرسل. والثالثة: لهم تزويجها إذا بلغت تسع سنين بإذنها ولا يجوز قبل ذلك؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «تستأمر البكر في نفسها، فإن سكتت فهو إذنها، وإن أبت فلا جواز عليها» رواه أبو داود.

مسألة 18: (وليس لهم تزويج كبيرة إلا بإذنها) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر» .

مسألة 19: (وإذن الثيب الكلام، وإذن البكر الصمات) لما روى عدي الكندي عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «الثيب تعرب عن نفسها، والبكر رضاها صماتها» رواه الأثرم. ولا فرق بين الثيوبة بوطء مباح أو محرم لشمول اللفظ لهما جميعًا.

(1/394)


والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صماتها»
(20) وليس لولي امرأة تزويجها بغير كفئها
(21) والعرب بعضهم لبعض أكفاء
(22) وليس العبد كفئًا لحرة
(23) ولا الفاجر كفئًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 20: (وليس لولي امرأة تزويجها بغير كفء) بغير رضاها، وهل له تزويجها برضاها بغير كفء؟ فيه روايتان: إحداهما: لا يصح لما روى الدارقطني بإسناده عن جابر عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا تنكحوا النساء إلا الأكفاء، ولا يزوجهن إلا الأولياء» ". وقال عمر: لأمنعن فروج ذوي الأحساب إلا من الأكفاء. ولأنه تصرف يتضرر به من لم يرض به فلم يصح، كما لو زوجها وليها بغير رضاها. والثانية: يصح لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زوج مولاه زيدًا ابنة عمته زينب بنت جحش، وزوج ابنه أسامة فاطمة بنت قيس الفهرية القرشية، وقالت عائشة: إن أبا حذيفة تبنى سالمًا وأنكحه ابنة أخيه هندًا بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، أخرجه البخاري، لكن إن لم ترض المرأة أو لم يرض بعض الأولياء ففيه روايتان: إحداهما: العقد باطل لأن الكفاءة حقهم، تصرف فيه بغير رضاهم فلم يصح كتصرف الفضولي، والثانية: يصح، ولمن لم يرض الفسخ سواء كانوا متساويين في الدرجة أو متفاوتين فيزوج الأقرب، فلو زوج الأب بغير الكفء فرضيت الثيب كان للإخوة الفسخ، ولأنه ولي في حال يلحقه العار بفقد الكفاءة فملك الفسخ كالمتساويين.

مسألة 21: (والعرب بعضهم لبعض أكفاء) وسائر الناس بعضهم لبعض أكفاء، لأن المقداد بن الأسود الكندي تزوج ضباعة بنت الزبير عم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وزوج أبو بكر أخته للأشعث بن قيس الكندي، وزوج علي ابنته أم كلثوم عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.

مسألة 22: (وليس العبد كفئًا لحرة) ، لأن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خير بريرة حين عتقت تحت العبد» (رواه البخاري) ، فإذا ثبت الخيار بالحرية الطارئة فبالسابقة أولى، ولأن فيه نقصًا في النصيب والاستمتاع والإنفاق، ويلحق به العار فأشبه عدم المنصب. وعنه ليست الحرية شرطًا لأن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لبريرة حين عتقت تحت عبد فاختارت فرقته: " لو راجعتيه، قالت: أتأمرني يا رسول الله؟ قال: لا، إنما أنا شفيع» (رواه ابن ماجه) . ومراجعتها له ابتداء نكاح عبد لحرة.

مسألة 23: (ولا الفاجر كفئًا لعفيفة) لقول الله سبحانه وتعالى:

(1/395)


لعفيفة
(24) ومن أراد أن ينكح امرأة هو وليها فله أن يتزوجها من نفسه بإذنها
(25) وإن زوج أمته عبده الصغير جاز أن يتولى طرفي العقد
(26) وإن قال لأمته: أعتقتك وجعلت عتقك صداقك بحضرة شاهدين ثبت العتق والنكاح، لأن «رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أعتق صفية وجعل عتقها صداقها»
فصل: وللسيد تزويج إمائه كلهن وعبيده الصغار بغير إذنهم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
{أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ} [السجدة: 18] ولأن الفاسق مرذول مردود الشهادة والرواية، غير مأمون على النفس والمال، مسلوب الولايات، ناقص عند الله سبحانه وعند خلقه، فلا يجوز أن يكون كفئًا للعفيفة ولا مساويًا لها.

مسألة 24: (ومن أراد أن ينكح امرأة هو وليها فله أن يتزوجها من نفسه بإذنها) لما روي عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال لأم حكيم ابنة قارظ: أتجعلين أمرك إليّ؟ قالت: نعم. فقال: قد تزوجتك. ولأنه صدر الإيجاب من الولي والقبول من الأهل فصح، كما لو زوج الرجل عبده الصغير من أمته، وعنه لا يجوز حتى يوكل غيره في أحد الطرفين، لما روي أن المغيرة بن شعبة أمر رجلًا يزوجه امرأة المغيرة أولى بها منه، ولأنه وليها فجاز أن يتزوجها من وكيله كالإمام.

مسألة 25: (وإن زوج أمته عبده الصغير جاز أن يتولى طرفي العقد) وكذلك ولي المرأة مثل ابن العم والمولى والحاكم إذا أذنت له في نكاحها لحديث عبد الرحمن بن عوف.

مسألة 26: (وإذا قال لأمته: أعتقتك وجعلت عتقك صداقك بحضرة شاهدين ثبت العتق والنكاح) لما روى أنس «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أعتق صفية وجعل عتقها صداقها» متفق عليه.

[فصل في تزويج السيد لإمائه وعبيده الصغار]
(فصل: وللسيد تزويج إمائه كلهن وعبيده الصغار بغير إذنهم) لأنه عقد على منافعهم فملكه كإجارتهم.

(1/396)


(27) وله تزويج أمة موليته بإذن سيدتها
(28) ولا يملك إجبار عبده الكبير على النكاح
(29) وأيما عبد تزوج بغير إذن مواليه فهو عاهر
(30) فإن دخل بها فمهرها في رقبته كجنايته، إلا أن يفديه السيد بأقل من قيمته أو المهر
(31) ومن نكح أمة على أنها حرة ثم علم فله فسخ النكاح، ولا مهر عليه إن فسخ قبل الدخول
(32) وإن أصابها فلها مهرها، وإن أولدها فولده حر
(33) يفديه بقيمته
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 27: (وله تزويج أمة موليته بإذن سيدتها) لأن المرأة لا تلي عقد النكاح فقام وليها مقامها فيه كقيام ولي الصغيرة مقامها في العقود التي هو وليها فيها.

مسألة 28: (ولا يملك إجبار عبده البالغ على النكاح) لأنه مكلف يملك الطلاق فلا يجبر على النكاح كالحر.

مسألة 29: (وأيما عبد تزوج بغير إذن سيده فهو عاهر) ، لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: " «أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه فهو عاهر» (رواه أبو داود) ، ولأن على السيد ضررًا في ذلك لأنه يحتاج إلى المهر والنفقة.

مسألة 30: (فإن دخل بها فمهرها في رقبته كجنايته إلا أن يفديه سيده بأقل من قيمته أو المهر) كما يفعل في جنايته.

مسألة 31: (ومن نكح أمة على أنها حرة ثم علم أنها أمة فله فسخ النكاح، ولا مهر عليه إن فسخ قبل الدخول بها) لأنه عقد لم يرض به فكان له فسخه كما لو اشترى منه ثوبًا على أنه كتان فبان قطنًا، أو فضة فبانت رصاصًا، أو ذهبًا فبان نحاسًا.

مسألة 32: (وإن أصابها فلها المهر) بما استحل من فرجها، (وإن أولدها فولدها حر) بغير خلاف لأنه اعتقد حريته فكان حرًا كما لو اشترى أمة يظنها ملكًا لبائعها فبانت مغصوبة بعد أن أولدها.

مسألة 33: (ويفديه بقيمته) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «من أعتق شركًا في عبد قوم عليه نصيب شريكه» (رواه البخاري) ، ولأن الحيوان من المتقومات لا من ذوات الأمثال فيجب ضمانه بقيمته كما لو أتلفه، وعنه يفديهم بمثلهم يوم ولادتهم، قضى به عمر وعلي وابن عباس، وعنه أنه مخير بين فدائه بمثله أو بقيمته لأنهما يرويان عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وعنه ليس عليه فداؤهم لأن الولد ينعقد حر الأصل فلم يضمنه لسيد الأمة لأنه لا يملكه، والصحيح

(1/397)


(34) ويرجع بما غرم على من غره
(35) ويفرق بينهما إن لم يكن ممن يجوز له نكاح الإماء، فإن كان ممن يجوز له ذلك فرضي فما ولدت بعد الرضا فهو رقيق
باب المحرمات في النكاح وهن: الأمهات والبنات والأخوات، وبنات الإخوة، وبنات الأخوات والعمات والخالات، وأمهات النساء، وحلائل الآباء والأبناء، والربائب المدخول بأمهاتهن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
الأول لقضاء الصحابة، ولأن الولد نماء للأم المملوكة فسبيله أن يكون مملوكًا لمالكها، وقد فوته باعتقاد الحرية فلزم ضمانه كما لو فوت رقه بفعله.

مسألة 34: ويرجع بما غرم) من المهر وقيمة الولد على من غره) ، قال ابن المنذر: كذلك قضى به عمر وعلي وابن عباس، وعنه لا يرجع بالمهر لأنه وجب عليه في مقابلة نفع وصل إليه وهو الوطء فلم يرجع به كما لو اشترى مغصوبًا فأكله، بخلاف قيمة الولد فإنه لم يحصل له في مقابلتها عوض، لأنها وجبت بحرية الولد، وحرية الولد للولد لا لأبيه.

مسألة 35: (ويفرق بينهما إن لم يكن ممن يجوز له نكاح الإماء) لأنا تبينا أن النكاح فاسد من أصله لعدم شرطه، (وإن كان ممن يجوز له ذلك) وكانت شرائط النكاح مجتمعة فالعقد صحيح وللزوج الخيار بين الفسخ والمقام على النكاح، فإن اختار المقام (فما ولدت بعد ذلك فهو رقيق) لسيدها لأن المانع من رقه مع الغرور اعتقاد الزوج حريتها وقد زال ذلك بالعلم.

باب المحرمات في النكاح وهن اللاتي ذكرهن الله سبحانه في قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ} [النساء: 23] فهؤلاء محرمات بالنسب، فالأمهات كل امرأة انتسب إليها بولادة، وهي الأم والجدات من جهة الأم وجهة الأب وإن علون، والبنات كل من انتسب إليك بولادة، وهي ابنة الصلب وأولادها وأولاد البنين وإن نزلت درجتهن، والأخت من الجهات الثلاث، والعمات كل من أدلت بالعمومة من أخوات الأب وأخوات الأجداد وإن علوا من جهة الأب والأم، والخالات كل من أدلت بالخئولة من أخوات الأم وأخوات الجدات وإن علون من جهة الأب والأم، وبنات الإخوة كل من

(1/398)


(36) ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
(37) وبنات المحرمات محرمات
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
انتسب ببنوة الأخ من أولاده وأولاد أولاده الذكور والإناث وإن نزلن، وبنات الأخت كذلك لأن الاسم ينطلق على القريب والبعيد لقوله سبحانه: {يَا بَنِي آدَمَ} [الأعراف: 26] .
والمحرمات بالمصاهرة وهن أربع:
أمهات النسب لقوله سبحانه: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] فمتى عقد على امرأة حرم عليه جميع أمهاتها من النسب والرضاع وإن علون، سواء دخل بالمرأة أو لم يدخل بها لعموم اللفظ فيهن، ولما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «أيما رجل نكح امرأة دخل بها أو لم يدخل فلا يحل له نكاح أمها» رواه ابن ماجه.
والثانية: حلائل آبائه وهن زوجات الأب القريب والبعيد من قبل الأب والأم من نسب أو رضاع يحرمن لقوله سبحانه: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 22] وسواء دخل بهن أو لم يدخل لعموم الآية، فيحرمن من دون بناتهن فيحل له نكاح ربيبة ابنه وأبيه لقوله: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] .
الثالث: حلائل الأبناء وهن زوجات أبنائه وأبناء أبنائه وبناته وإن سفلوا من نسب أو رضاع، لقوله سبحانه: {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء: 23] فيحرمن بمجرد العقد لعموم الآية فيهن.
الرابعة: الربائب وهن بنات النساء اللاتي دخل بهن، فإن فارق أمها قبل أن يدخل بها حلت له ابنتها لقوله سبحانه: {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 23] .

مسألة 36: (ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) سواء، لقوله سبحانه: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] وقسنا عليهما سائر المحرمات بالنسب، وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» متفق عليه.

مسألة 37: (وبنات المحرمات محرمات) لتناول التحريم لهن، فالأمهات يحرم بناتهن لأنهن أخوات أو عمات أو خالات، والبنات تحرم بناتهن لأنهن بنات، ويحرم بنات الأخوات وبناتهن لأنهن بنات الأخوات، وكذلك بنات بنات الإخوة لأنهن بنات إخوة.

(1/399)


(38) إلا بنات العمات والخالات وأمهات النساء وحلائل الآباء والأبناء
(39) وأمهاتهن محرمات
(40) إلا البنات والربائب وحلائل الآباء والأبناء
(41) ومن وطئ امرأة - حلالًا أو حراماً - حرمت على أبيه وابنه، وحرمت عليه أمهاتها وبناتها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 38: (إلا بنات العمات والخالات) فإنهن لا يحرمن بالإجماع، لأنهن لم يذكرن في التحريم فيدخلن في عموم قَوْله تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] ، وقد أحلهن الله سبحانه صريحًا لنبيه بقوله: {وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ} [الأحزاب: 50] ذكرهن فيما أحل له (وأمهات النساء) يعني أن بنات أمهات النساء حلال لأنهن غير مذكورات في المحرمات ولأنهن أخوات الزوجة فإنما يحرمن بالجمع لا غير (وحلائل الآباء والأبناء) لا تحرم بناتهن لأنهن حرمن لعلة نكاح الآباء والأبناء لهن، ولم يوجد هذا المعنى في بناتهن ولا وجدت فيهن علة أخرى فاقتصر الحكم عليهن وحلت بناتهن.

مسألة 39: (وأمهاتهن محرمات) يعني أن المحرمات نكاحهن أمهاتهن أيضًا محرمات بقوله سبحانه: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] يتناول أمهاتهن لأن أم الأم أم فقد تناولها التحريم بالنص، والأخوات أمهن أم أو زوجة أب وهما محرمتان، وأمهات العمات أمهاتهن أيضًا محرمات لأنهن زوجات أب فإن الجد أب، وأمهات الخالات هن نساء الجد من الأم فهن محرمات أيضًا، وأمهات بنات الأخوات محرمات لأنهن أخوات.

مسألة 40: (إلا البنات والربائب) أمهاتهن حلال لأنهن زوجاته، (وحلائل الآباء والأبناء) أمهاتهن حلال لأنهن أجنبيات.

مسألة 41: (وإن وطئ امرأة - حلالًا أو حراما - حرمت على أبيه وابنه وحرمت عليه أمهاتها وبناتها) " أما إذا وطئ حلالا فقد حرمت على أبيه وابنه لأنها صارت من حلائل الأبناء أو من زوجات الأب " وتحرم عليه أمها لأنها من أمهات النساء، وتحرم بنتها لأنها ربيبة. وأما إذا وطئها حرامًا فقد حرمت أيضًا على أبيه وابنه وحرمت عليه أمهاتها وبناتها كما لو وطئها بشبهة أو بالقياس على الوطء الحلال، وقال الله سبحانه: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22] والوطء يسمى نكاحًا.

(1/400)


فصل: (42) ويحرم الجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمتها وخالتها، لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بينها وبين خالتها»
(43) ولا يجوز للحر أن يجمع بين أكثر من أربع نسوة
(44) ولا للعبد أن يجمع إلا اثنتين
(45) فإن جمع بين من لا يجوز الجمع بينه في عقد واحد فسد العقد
(46) وإن كان في عقدين لم يصح الثاني
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 42: (ويحرم الجمع بين الأختين) لقوله سبحانه: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [النساء: 23] وسواء كانتا من أبوين أو من أحدهما أو من نسب أو رضاع لعموم الآية في الجمع (ويحرم الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها) لما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها» متفق عليه، ولأنهما امرأتان لو كانت إحداهما ذكرًا حرمت عليه الأخرى فحرم الجمع بينهما كالأختين، ولأنه يفضي إلى قطيعة الرحم المحرم لما بين الزوجات من التغاير والتنافس، والقريبة والبعيدة سواء في التحريم لتناول اللفظ لهما، ولأن المحرمية ثابتة بينهما مع البعد فكذلك تحريم الجمع.

مسألة 43: (ولا يجوز للحر أن يجمع بين أكثر من أربع نسوة) بغير خلاف، لقوله سبحانه: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] يعني اثنتين أو ثلاثًا أو أربعًا، ولأن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لغيلان بن سلمة حين أسلم وتحته عشر نسوة: " أمسك أربعًا وفارق سائرهن» رواه الترمذي.

مسألة 44: (وليس للعبد أن يجمع إلا اثنتين) لما روي عن الحكم بن عتبة أنه قال: أجمع أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على أن العبد لا ينكح إلا اثنتين. وروى الإمام أحمد أن عمر سأل في ذلك فقال عبد الرحمن بن عوف: لا يتزوج إلا اثنتين. وهذا كان بمحضر من الصحابة فلم ينكر فكان إجماعًا.

مسألة 45: (فإن جمع بين من لا يجوز الجمع بينه في عقد واحد فسد) لأن إحداهما ليست أولى بالبطلان من الأخرى فبطل فيهما، كما لو باع درهمًا بدرهمين.

مسألة 46: (وإن كان في عقدين لم يصح الثاني منهما) لأنه اختص بالجمع.

(1/401)


منهما
(47) ولو أسلم كافر وتحته أختان اختار منهما واحدة
(48) وإن كانتا أمًا وبنتاً ولم يدخل بالأم فسد نكاحها وحدها، وإن كان قد دخل بها فسد نكاحهما وحرمتا على التأبيد
(49) وإن أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة أمسك منهن أربعًا وفارق سائرهن، وسواء كان من أمسك منهن أول من عقد عليها أو آخرهن
(50) وكذلك العبد إذا أسلم وتحته أكثر من
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 47: (ولو أسلم كافر وتحته أختان أمسك منهما واحدة) لما «روى الضحاك بن فيروز عن أبيه قال: " قلت: يا رسول الله إني أسلمت وتحتي أختان، قال: طلق أيتهما شئت» رواه أبو داود وابن ماجه وغيرهما، ولأن أنكحة الكفار صحيحة، وإنما حرم الجمع في الإسلام وقد أزاله فصح، كما لو طلق إحداهما قبل إسلامه ثم أسلم والأخرى في حياله.

مسألة 48: (وإن كانتا أمًا وبنتها ولم يدخل بالأم فسد نكاحها وحدها) لأنها أم زوجته فتحرم لقوله سبحانه: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] فتدخل في عموم الآية (وإن كان قد دخل بها فسد نكاحهما وحرمتا على التأبيد) الأم لأنها أم زوجته، والبنت لأنها ربيبته من زوجته التي دخل بها. قال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم. والدخول بالأم وحدها كالدخول بهما لأن البنت تكون ربيبته مدخولًا بأمها. والأم تحرم بمجرد العقد على ابنتها. وإن دخل بالبنت وحدها ثبت نكاحها وفسد نكاح الأم لأن البنت لا تحرم إلا بالدخول بأمها ولم يدخل بها. والأم تحرم بمجرد العقد على بنتها.

مسألة 49: (وإن أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة أمسك منهن أربعًا ويفارق سائرهن سواء كان من أمسك منهن أول من عقد عليها أو آخرهن) لما سبق من حديث غيلان بن سلمة، «وروى قيس بن الحارث قال: أسلمت وتحتي ثماني نسوة، فأتيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقلت له ذلك فقال: " اختر منهن أربعًا» رواه الإمام أحمد، وأبو داود.

مسألة 50: (وكذلك العبد إذا أسلم وتحته أكثر من اثنتين) وذلك أن حكم العبد فيما زاد على اثنتين حكم الحر فيما زاد على الأربع، فإن أسلم وتحته أكثر من اثنتين اختار منهن اثنتين كما قلنا في الحر إذا كان تحته أكثر من أربع يختار منهن أربعًا.

(1/402)


اثنتين
(51) ومن طلق امرأة فنكح أختها أو خالتها أو خامسة في عدتها لم يصح سواء كان الطلاق رجعيًا أو بائنًا.
ويجوز أن يملك أختين وله وطء إحداهما، فمتى وطئها حرمت عليه أختها حتى تحرم الموطوءة بتزويج أو إخراج عن ملكه ويعلم أنها غير حامل، فإذا وطئ الثانية ثم عادت الأولى إلى ملكه لم تحل له حتى تحرم الأخرى، وعمة الأمة وخالتها في هذا كأختها
(52) وليس للمسلم وإن كان عبدًا نكاح أمة كتابية كافرة
(53) ولا لحر نكاح أمة مسلمة، إلا أن لا يجد طول حرة ولا ثمن أمة ويخاف العنت
(54) وله نكاح أربع إذا كان الشرطان فيه قائمين
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 51: (ومن طلق امرأة فنكح أختها أو خالتها أو خامسة في عدتها لم يصح سواء كان الطلاق رجعيًا أو بائنًا) لأنه إذا تزوجها في عدة أختها كان قد جمع بينهما في النكاح لأن العدة من آثار النكاح، وكذلك الخامسة إذا تزوجها في عدة الرابعة.
فصل: (ويجوز أن يملك أختين وله وطء إحداهما) أيتهما شاء لأنها ملكه (فإذا وطئها حرمت عليه أختها حتى تحرم الموطوءة بتزويج أو إخراج عن ملكه ويعلم أنها غير حامل) لئلا يكون جامعًا بينهما في الفراش أو جامعًا ماءه في رحم أختين (فإذا وطئ الثانية ثم عادت الأولى إلى ملكه لم تحل له حتى تحرم الأخرى) لذلك. (وعمة الأمة وخالتها في ذلك كأختها) ، وعنه لا يحرم الجمع بين الأمتين في الوطء، وإنما يكره، لقوله سبحانه: {إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] والمذهب الأول، لأنه إذا حرم الجمع في النكاح لكونه طريقًا إلى الوطء ففي الوطء أولى.

مسألة 52: (وليس للمسلم إن كان عبدًا نكاح أمة وكتابية) لأن الله سبحانه قال: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] وعنه يجوز لأنه له وطؤها بملك اليمين فجاز بالنكاح كالمسلمة، ورد الخلال هذه الرواية وقال: إنما توقف الإمام أحمد ولم ينفذ له قول.

مسألة 53: (ولا يجوز لحر مسلم نكاح أمة مسلمة إلا أن لا يجد طول حرة ولا ثمن أمة ويخاف العنت) لقوله سبحانه: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] إلى قوله: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: 25] فاشترط شرطين: خوف العنت، وعدم الطول بحرة، فلا يجوز بدونهما.

مسألة 54: (وله نكاح أربع إذا كان الشرطان فيه قائمين) للآية. 
 
 

امثلة من اخطاء الفقهاء الفادحة نتيجة تراكنهم بضهم علي آراء بعض

 

امتناع الطلاق في الحمل وتحريمه(نخبة)

حكم طلاق الحامل هو امتناع الطلاق في الحمل وتحريمه  
امتناع الطلاق في الحمل 

.1لقول الله تعالي:

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ 

فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ 

 وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ 

وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ  



لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ 

وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ 

وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ 

وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ



لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) 

فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ



 أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ

 وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ 

وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ 

 ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ 

وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ

 وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ 

إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ 

قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) 

 تفصيل أحكام عدة الإحصاء لبلوغ أجل الإمساك أو الطلاق

1. وَ      الواو هنا واو العطف   ولا بد من معطوفٍ عليه في مستهل تفصيل أحكام عدة النساء وأقول المدون : أنها تعطف ما سيذكر من عدد النساء علي تفصيل سابق تمدد وجوده من سورة البقرة الي سورة الطلاق وأبلغ الله ذكره هنا بلفظٍ أو قل حرفٍ واحد هو (و-----) هو عدة ذوات الأقراء (وهي ثلاثة قروء كما ذكرته آية العدة للائي يحضن في سورة البقرة((1و2 هـ))  


2. اللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ 



3. وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ 



وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) 

ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ  قلت المدون   أقول لكل معرضٍ عن اتباع ما جاء بسورة الطلاق من تشريع ناسخٍ لما سبق نزوله في سورة البقرة  إلا الذي أبقي عليه الله تعالي ولم يبدله نسخا ومحوا مثل الثلاثة قروء وبعض ما سنذكره هنا من الأحكام المتمددة دون نسخ من سورة البقرة الي سورة الطلاق أقول لهم لن تراعوا فقد أمركم الله تعالي بإتقائه  وذلك بتطبيق أحكامه التي أنزلها في سورة الطلاق  فقال تعالي: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5)   
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ 


وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ 


وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ 



 قلت المدون: فبعد أن يضعن حملهن ويصرن الي طلاق ولم يُمسكهن أزواجهن فسيظهر في أفق المطلقين(الزوج المطلق والزوجة التي طلقت في نهاية العدة(بعد وضعها الحمل بسقط أو ولادة) مسائل الإرضاع وأجر الإرضاع لكون المرأة قد صارت مطلقة بعد وضع حملها وبلوغ أجل طلاقها ،والإنفاق علي الطفل وحضانة أمه والتي هي مطلقته كما  ذكرها الله تعالي هنا في الآيات التالية ::::-------



فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)/سورة الطلاق المنزلة في العام السادس أو السابع الهجري


اضغط الصورة للتكبير









السؤال:

طلّقت زوجتي و هى حامل فى الشّهر الثامن، و سمعت أنّ هذا طلاقاً بدعياً، لأنّ الحامل طاهرة وقد جامعتها قبل ذلك، وهذا يعد جماعاً فى طهر قد طلّقتها فيه، فهل بقولي لها: "أنت طالق" عند ذلك يكون طلاقاً بدعياً لا يقع، أم يقع؟
الإجابة: أقول لهذا الذي طلق امرأته في الشهر الثامن وهي حامل لم يفلق تلفظك عقد الزوجية ولو جمعت الأرض جميعا ليساعدوك علي فلقه لأن الله تعالي منع التلفظ منك علي الحقيقة وحرزه في دُبُرِ العدة وإن تلفظت بمثل الأرض طلاقا فميقات تفعيل اللفظ ليكون قادرا علي فلق عقد الزواج وإحداث أثره من الطلاق والفراق هو بلوغ الأجل واتمام عدة الإحصاء ونهاية العدة [ سواءا كانت المرأة من ذوات الأقراء فنهاية عدتها هي حلول نهاية الطهر الثالث وبعده الذي حُرِّز إليه التلفظ بالطلاق أو من اللائي لا يحضن فتوقيت طلاقها بعد نهاية الشهر الثالث القمري أو من أولات الأحمال فتوقيت طلاقهن بعد نهاية الحمل الذي يُستدل عليه بوضع الحمل ( فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا(

وبلوغ الأجل هو الذي شُرِّعَ لأجله حكم إحصاء العدة وهو ميقات نهاية العدة وهو ميقات تفعيل التلفظ  والاستحواذ الفاعل علي لفظ التطليق وذلك لإحداث التفريق واتمام الإشهاد إن لم يمسك الزوج زوجته وعزم علي تطليقها فهنا وهنا فقط يكون الطلاق ولا قيمة لأي تلفظ بالطلاق في غير هذا التوقيت كذلك قال الله تعالي  }فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ{ 🔔فالإمساك متعلق بشرط واحد هو  بلوغ المعتدَّين نهاية اجل العدة وبعدها🔔 والتطليق متعلق بشرطين هما 
1.إعراض الزوج عن إمساك زوجته  
2.وبلوغ أجل نهاية عدة الإحصاء وبعدها 

لقد فصل النبي محمد صلي الله عليه وسلم ذلك في حديث السلسلة الذهبية من طريق مالك عن نافع عن بن عمر مرفوعا ولفظه في صحيح البخاري ووافقه علي مسلم بن الحجاج تفصيلا وتوضيحا كما جاءت به آيات سورة الطلاق مما ذكرنا من تفصيلات أحكامها وتفصيلات أحكامه صلي الله عليه وسلم وختم روايته بقول النبي صلي الله عليه وسلم [فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء] مما يُطِيِحُ بآراء كل الذين يقولون ]يطلق لطهرها] بل قال الله تعالي ورسوله [فطلقوهن لعدتهن] وأتساءل المدون أين ومتي قال الله تعالي فطلقوهن لطهرهن؟؟؟؟؟؟؟!!!!! وهو الذي قال ورسوله [فطلقوهن لعدتهن]  كالآتي :



4954 حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال حدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء  

 
وفي سورة الطلاق المنزلة 6 أو 7 للهجرة  

]
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [ قلت المدون ولم يقل  [فطلقوهن لطهرهن{
ثم يقول رب العزة:
}
وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ{

}
وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ

)
لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ(
)
وَلَا يَخْرُجْنَ} إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ  
)
وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ(
)
لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (1(

ونهاية عدة الحامل = هي وضع الحمل بسقط أو ولادة لقوله تعالى: {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا} [الطلاق:4[
وللزوج في عدة الإحصاء أن يفعل بها كما يفعل الأزواج خلا المواطئة فإن واطئها فقد هدم كل اجراءات العدة وعليه أن يعتد من جديد إن بقي علي عزمه وعاند في رغبته في أن يطلق 🔔فإن تخلِّي عن عزمه للطلاق ولم يُطلق في نهاية العدة فهي مازالت زوجته فعليه أن يمسكها  وأقول للزوج المعتد مع زوجته في بيت واحد ومضجع واحد وخلوة شرعها الله تعالي لكونهما زوجين أقول: فإن غُلِبْتَ علي أمرك وواطئْتها فقد هدمت كل إجراءات الطلاق وعليك أن تُعيدها من أولها فإن عجزت علي أن تمنع نفسك من زوجتك طيلة ساعات وأيام وأسابيع وأشهر العدة حتي تصل الي نهايتها فلن تصل إذن أبدا إلي لحظة تفعيل لفظ الطلاق المحرز هناك في دُبُرِ العدة وبعد نهايتها
....................................................
اضغط للتكبير
...............................................................................




.....................................................
↑__________↕⌨الطلاق
  |                                                                                                          
                                                       






***

الطلاق في الحمل وامتناعه وشذوذ الرواية الوحيدة له

الطلاق في الحمل واختلاف الفقهاء حتي فيه
ملاحظة:قم بتوسيط صفحة المدونة بتحريك بار ضبط الصفحة الموجود بأسفل الصفحة أو تحريك اسهما    ليمين أو اليسار في الكيبورد








 -----------------

ترجمة محمد بن عبد الرحمن مولي طلحة 
محمد بن عبد الرحمن بن عبيد القرشي التيمي مولى آل طلحة كوفي 
[499] بخ م 4 البخاري في الأدب المفرد ومسلم والأربعة 
قلت المدون هذه الترجمة في كتاب التهذيب لابن حجر العسقلاني الحافظ  حرف الميم  باب من اسمه محمد على ترتيب الحروف في الآباء
روى عن السائب بن يزيد وعيسى وموسى ابني طلحة وأبي سلمة بن عبد الرحمن وسالم بن عبد الله بن عمر وكريب مولى بن عباس وسليمان بن يسار والزهري وعكرمة وعلي بن ربيعة الوالبي وعدة 
روى عنه شعبة ومسعر والثوري وشريك والحسن بن عمارة والمسعودي وإسرائيل وسعد بن الصلت قاضي شيراز وسفيان بن عيينة وغيرهم 
قال البخاري قال لنا علي عن بن عيينة كان أعلم من عندنا بالعربية قلت المدون أعرض البخاري عنه فلم يجعله من الرجال الموصوفين عنده برواة جامعه الصحيح المسند لريبته في ضبطه وكذلك لم يوثقه في رواياتة للحديث فقال عنه قال لنا علي عن بن عيينة: كان أعلم من عندنا بالعربية قلت المدون وهي صياغة مؤدبة جدا للغمز في ضبطه وليس في عدالته وأكد ذلك بإعراضه عن تسجيله التاريخي ضمن رجال الجامع الصحيح المسند قلت المدون  وحديث أمثاله لا يناطح أحاديث الثقات 
 قلت المدون وقال أبو زرعة وأبو حاتم وأبو داود صالح الحديث [قلت المدون  وهذه صياغة للطعن في ضبطه وليس في عدالته] وقال النسائي ليس به بأس [قلت المدون وهذه صياغة تنحط به عن مرتبة الضابطين الأعدل منه
 ]وكذلك ما نقل عنعباس الدوري وغيره عن بن معين ليس به بأس قلت المدون:  وليس الكلام علي العدالة هنا إنما مجال النقد في الضبط والحفظ وكلام النسائي قي ضبطه يحط من حفظه ويثبت أخلاطه في الرواية برغم عدالته وقال أبو زرعة وأبو حاتم وأبو داود صالح الحديث وقال النسائي ليس به بأس وذكره بن حبان في الثقات قلت وقال الترمذي وأبو علي الطوسي ويعقوب بن سفيان ثقة- لذلك فروايته لحديث الطلاق في الحمل شاذ جدا يصل الي حد النكارة

محمد بن عبد الرحمن مولي طلحة
288. يحي بن معين ليس به بأس
انظر :
الجرح والتعديل 3-2-318//تهذيب التهذيب 9-300
وحمل كتاب تاريخ ابن معين ( رواية الدوري + رواية الدارمي ) دار المأمون للتراث محمد بن عبد الرحمن مولي طلحة رقم88
***