العدة شرح العمدة
كتاب الصيام يجب صيام رمضان على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم
(1) ويؤمر به الصبي إذا أطاقه
(2) ويجب بأحد ثلاثة أشياء: كمال شعبان ورؤية هلال رمضان ووجود غيم أو
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
[كتاب الصيام]
(يجب صيام رمضان على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم) فشروطه أربعة: الإسلام، فلا يجب على كافر أصلي ولا مرتد لأنه عبادة فلا تجب على الكافر كالصلاة. والثاني: العقل، فلا يجب على مجنون. والثالث: البلوغ، فلا يجب على صبي لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يبلغ الحلم» . وقال أصحابنا: يجب على من أطاقه، لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «إذا أطاق الغلام الصيام ثلاثة أيام وجب عليه صيام شهر رمضان» ولأنه يعاقب على تركه وهذا صفة الواجب، والأول المذهب للخبر.
مسألة 1: (ويؤمر به الصبي إذا أطاقه) ، ويضرب عليه ليعتاده، ولا يجب عليه للخبر.
مسألة 2: (ويجب بأحد ثلاثة أشياء: كمال شعبان) ثلاثين يومًا إجماعًا، (ورؤية هلال رمضان) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» متفق عليه، (ووجود غيم أو قتر) في مطلعه (ليلة الثلاثين) من شعبان (يحول دونه) لما روى ابن عمر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فاقدروا له» متفق عليه، يعني ضيقوا له، من قوله: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: 7] أي ضيق عليه رزقه، وتضيق العدة أن
(1/161)
قتر ليلة الثلاثين يحول دونه
(3) وإذا رأى الهلال وحده صام، فإن كان عدلًا صام الناس بقوله،
(4) ولا يفطر إلا بشهادة عدلين
(5) ولا يفطر إذا رآه وحده
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
يحسب شعبان تسعة وعشرين يومًا، وكان ابن عمر إذا حال دون مطلعه غيم أو قتر أصبح صائمًا، رواه أبو داود، وهو راوي الحديث وعمله به تفسير له، وعنه: لا يصوم لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين يومًا» حديث صحيح [رواه مسلم] ، ولأنه في أول الشهر شك فأشبه حال الصحو، وعنه: الناس تبع للإمام، فإن صام صاموا وإن أفطر أفطروا، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صومكم يوم تصومون وأضحاكم يوم تضحون» رواه أبو داود.
مسألة 3: (وإن رأى الهلال وحده صام) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صوموا لرؤيته» (فإن كان عدلًا صام الناس بقوله) لما روي «أن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: "تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أني رأيته، فصام وأمر الناس بالصيام» رواه أبو داود، ولأنه مما طريقه المشاهدة فدخل به في الفريضة فقبل من واحد كوقت الصلاة، والعبد كالحر لأنه من أهل الرؤية أشبه الحر.
مسألة 4: (ولا يفطر إلا بشهادة عدلين) لما روى عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين، فإن شهد شاهدان ذوا عدل فصوموا وأفطروا» رواه النسائي، ولأنها شهادة يدخل بها في العبادة فلم يقبل فيها الواحد كسائر الشهود.
مسألة 5: (ولا يفطر إذا رآه وحده) لما روي أن رجلين قدما المدينة وقد رأيا الهلال وقد أصبح الناس صيامًا فأتيا عمر فذكرا ذلك له، فقال لأحدهما: أصائم أنت؟ قال: بل مفطر. قال: فما حملك على هذا؟ قال: لم أكن لأصوم وقد رأيت الهلال، وقال الآخر:
(1/162)
(6) وإن صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يومًا أفطروا
(7) وإن كان بغيم أو قول واحد لم يفطروا
(8) إلا أن يروه أن يكملوا العدة
(9) وإذا اشتبهت الأشهر على الأسير تحرى وصام، فإن وافق الشهر أو ما بعده أجزأه
(10) وإن وافق قبله لم يجزئه
باب أحكام المفطرين في رمضان ويباح الفطر في رمضان لأربعة أقسام: أحدها: المريض الذي يتضرر به، والمسافر الذي له القصر، فالفطر لهما أفضل وعليهما القضاء، وإن صاما أجزأهما،)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
أنا صائم. قال: فما حملك على هذا؟ قال: لم أكن لأفطر والناس صيام. فقال للذي أفطر: لولا مكان هذا لأوجعت رأسك، ولأنه محكوم به من رمضان فأشبه الذي قبله.
مسألة 6: (وإن صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يومًا أفطروا) لحديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب.
مسألة 7: (وإن كان بغيم لم يفطروا) إذا لم يروا الهلال لأنهم إذا صاموا في أوله احتياطًا للعبادة فيجب الصوم في آخره احتياطًا لها، (وإن صاموا بشهادة الواحد لم يفطروا) كما لو شهد بهلال شوال.
مسألة 8: (إلا أن يروه) لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «وأفطروا لرؤيته» (أو يكملوا العدة) فيفطروا لقوله: «فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يومًا» .
مسألة 9: (وإذا اشتبهت الأشهر على الأسير تحرى وصام، فإن وافق الشهر أو ما بعده أجزأه) لأنه فعل العبادة بعد وجوبها عليه باجتهاده، فإذا وافق الإصابة أجزأته كالقبلة إذا اشتبهت عليه أو الوقت.
مسألة 10: (وإن وافق ما قبله لم يجزئه) لأنه أتى بالعبادة قبل وقتها بالتحري فلم يجزه كالصلاة والحج إذا أخطأ فيه الواحد.
[باب أحكام المفطرين في رمضان]
(ويباح الفطر في رمضان لأربعة أقسام: أحدها: المريض الذي يتضرر به، والمسافر الذي له القصر، فالفطر لهما أفضل وعليهما القضاء) لأن الله سبحانه قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [النساء: 43] وقَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]
(1/163)
(الثاني: الحائض والنفساء تفطران وتقضيان، وإن صامتا لم يجزئهما. الثالث: الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أفطرتا وقضتا، وإن خافتا على ولديهما أفطرتا وقضتا وأطعمتا عن كل يوم مسكينًا. الرابع: العاجز عن الصيام لكبر أو مرض لا يرجى برؤه فإنه يطعم عنه عن كل يوم مسكينًا
(11) وعلى سائر من أفطر القضاء لا غير، إلا من أفطر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس من البر الصوم في السفر» متفق عليه، «وخرج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عام الفتح فأفطر فبلغه أن ناسًا صاموا فقال: "أولئك العصاة» رواه مسلم، (وإن صاما أجزأهما) لذلك.
(الثاني: الحائض والنفساء تفطران وتقضيان) إجماعًا (وإن صامتا لم يجزئهما) إجماعًا. «وقالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة» تعني في الحيض، والنفاس مثله.
(الثالث: الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أفطرتا وقضتا) كالمريض، (وإن خافتا على ولديهما أفطرتا وقضتا وأطعمتا عن كل يوم مسكينًا) لقوله سبحانه: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] .
(الرابع: العاجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه فإنه يطعم عنه لكل يوم مسكينًا) لقول الله سبحانه: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] «قال ابن عباس: "كانت رخصة للشيخ والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصيام أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينًا، والحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا» رواه أبو داود.
مسألة 11: (وعلى سائر من أفطر القضاء لا غير، إلا من أفطر بجماع في الفرج فإنه يقضي ويعتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا، فإن لم يجد سقطت عنه) لما روى الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: «بينما نحن عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ جاءه رجل فقال: هلكت. قال: ما لك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم. فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا،
(1/164)
بجماع في الفرج فإنه يقضي ويعتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا، فإن لم يجد سقطت عنه
(12) فإن جامع ولم يُكفّر حتى جامع ثانية فكفارة واحدة
(13) وإن كفر ثم جامع فكفارة ثانية
(14) وكل من لزمه الإمساك في رمضان فجامع فعليه كفارة
(15) ومن أخر القضاء لعذر حتى أدركه رمضان
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
قال: هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا. قال: فهل تجد إطعام ستين مسكينًا؟ قال: لا، قال: فمكث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فبينما نحن على ذلك أُتي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعرق فيه تمر، والعرق المكتل، فقال: أين السائل؟ قال: أنا، قال: خذ هذا فتصدق به، فقال الرجل: على أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها - يريد الحرتين - أهل بيت أفقر مني ومن أهل بيتي. فضحك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى بدت أنيابه ثم قال: أطعمه أهلك» متفق عليه.
مسألة 12: (فإن جامع ولم يكفر حتى جامع ثانية) في يوم واحد (فكفارة واحدة) ولا خلاف فيه بين أهل العلم، وإن كان في يومين فعلى وجهين: أحدهما: تلزمه كفارة واحدة لأنه جزاء عن جناية تكرر سببها قبل استيفائها فتداخلا كالحدود وكما لو جامع في يوم مرتين ولم يكفر، والثاني: تلزمه كفارة ثانية، اختارها القاضي لأنه أفسد صوم يومين فوجبت كفارتان كما لو كانا في رمضانين.
مسألة 13: (وإن كفر ثم جامع فكفارة ثانية) نص عليه لأنه تكرر السبب بعد استيفاء حكم الأول فوجب أن يثبت للثاني حكمه كسائر الكفارات.
مسألة 14: (وكل من لزمه الإمساك في رمضان فجامع فعليه كفارة) للخبر.
مسألة 15: (ومن أخر القضاء لعذر حتى أدركه رمضان آخر فليس عليه غير القضاء) لقوله سبحانه: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] (وإن فرط أطعم مع القضاء لكل يوم مسكينًا) لما روى ابن ماجه عن ابن عمر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من مات وعليه صيام شهر رمضان فليطعم عنه مكان كل يوم مسكين» قال الترمذي: الصحيح عن ابن عمر
(1/165)
آخر فليس عليه غير القضاء وإن فرط أطعم مع القضاء لكل يوم مسكينًا
(16) وإن ترك القضاء حتى مات لعذر فلا شيء عليه
(17) وإن كان لغير عذر أطعم عنه لكل يوم مسكينًا
(18) إلا أن يكون الصوم منذورًا فإنه يصام عنه، وكذلك كل نذر طاعة
باب ما يفسد الصوم من أكل أو شرب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
موقوف. وعن عائشة أنها قالت: يطعم عنه في قضاء رمضان ولا يصام عنه. وعن ابن عباس أنه سئل عن رجل مات وعليه نذر صوم شهر وعليه صوم رمضان، قال: أما رمضان فيطعم عنه، وأما النذر فيصام عنه، رواه الأثرم في السنن.
مسألة 16: (وإن ترك القضاء حتى مات لعذر فلا شيء عليه) لأنه حق الله تعالى وجب بالشرع ومات من يجب عليه قبل إمكان فعله فسقط إلى غير بدل كالحج.
مسألة 17: (وإن كان لغير عذر أطعم عنه لكل يوم مسكين) لحديث ابن عمر وعائشة وابن عباس.
مسألة 18: (إلا أن يكون الصوم منذورًا فيصام عنه، وكذلك كل نذر طاعة) لما روى البخاري عن ابن عباس قال: «قالت امرأة للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأقضيه عنها؟ قال: أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أكان يؤدي ذلك عنها؟ قالت: نعم. قال: فصومي عن أمك» رواه البخاري.
[باب ما يفسد الصوم]
(من أكل أو شرب أو استعط أو أوصل إلى جوفه شيئًا من أي موضع كان أو استقاء أو استمنى أو قبل أو لمس أو أمذى أو حجم أو احتجم عامدًا ذاكرًا لصومه فسد) أما الأكل والشرب فيحرم على الصائم لقوله سبحانه: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] بعد قوله: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187] فإذا أكل أو شرب مختارًا ذاكرًا لصومه أبطله لأنه فعل ما ينافي الصوم لغير عذر سواء كان غذاء أو غير غذاء كالحصاة والنواة لأنه أكل. 1
(1/166)
(19) أو استعط (20) أو أوصل إلى جوفه شيئًا من أي موضع كان (21) واستقاء (22) أو استمنى أو قبّل (23) أو لمس أو أمذى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 19: إن استعط فسد صومه، لقوله للقيط بن صبرة: «بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا» وهذا يدل على أنه يفسد الصوم إذا بالغ فيه بحيث يصل إلى خياشيمه.
1 -
مسألة 20: وإن أوصل إلى جوفه شيئًا من أي نوع كان، مثل أن احتقن أو داوى جائفة أو طعن نفسه أو طعنه غيره بإذنه أو أوصل إلى دماغه شيئًا مثل إن قطر في أذنيه أو داوى مأمومة فوصل إلى دماغه فسد صومه؛ لأنه إذا فسد بالسعوط دل على أنه يفسد بكل واصل من أي موضع كان، ولأن الدماغ أحد الجوفين فأفسد الصوم بما يصل إليه كالأخرى.
1 -
مسألة 21: وإن استقاء عمدًا فعليه القضاء، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على إبطال صوم من استقاء عامدًا، لما روى أبو هريرة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدًا فليقض» حديث حسن [رواه الترمذي] .
1 -
مسألة 22: وإن استمنى بيده فأنزل أفطر، لأنه أنزل عن مباشرة أشبه القُبلة.
(1) ويؤمر به الصبي إذا أطاقه
(2) ويجب بأحد ثلاثة أشياء: كمال شعبان ورؤية هلال رمضان ووجود غيم أو
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
[كتاب الصيام]
(يجب صيام رمضان على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم) فشروطه أربعة: الإسلام، فلا يجب على كافر أصلي ولا مرتد لأنه عبادة فلا تجب على الكافر كالصلاة. والثاني: العقل، فلا يجب على مجنون. والثالث: البلوغ، فلا يجب على صبي لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يبلغ الحلم» . وقال أصحابنا: يجب على من أطاقه، لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «إذا أطاق الغلام الصيام ثلاثة أيام وجب عليه صيام شهر رمضان» ولأنه يعاقب على تركه وهذا صفة الواجب، والأول المذهب للخبر.
مسألة 1: (ويؤمر به الصبي إذا أطاقه) ، ويضرب عليه ليعتاده، ولا يجب عليه للخبر.
مسألة 2: (ويجب بأحد ثلاثة أشياء: كمال شعبان) ثلاثين يومًا إجماعًا، (ورؤية هلال رمضان) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» متفق عليه، (ووجود غيم أو قتر) في مطلعه (ليلة الثلاثين) من شعبان (يحول دونه) لما روى ابن عمر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فاقدروا له» متفق عليه، يعني ضيقوا له، من قوله: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: 7] أي ضيق عليه رزقه، وتضيق العدة أن
(1/161)
قتر ليلة الثلاثين يحول دونه
(3) وإذا رأى الهلال وحده صام، فإن كان عدلًا صام الناس بقوله،
(4) ولا يفطر إلا بشهادة عدلين
(5) ولا يفطر إذا رآه وحده
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
يحسب شعبان تسعة وعشرين يومًا، وكان ابن عمر إذا حال دون مطلعه غيم أو قتر أصبح صائمًا، رواه أبو داود، وهو راوي الحديث وعمله به تفسير له، وعنه: لا يصوم لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين يومًا» حديث صحيح [رواه مسلم] ، ولأنه في أول الشهر شك فأشبه حال الصحو، وعنه: الناس تبع للإمام، فإن صام صاموا وإن أفطر أفطروا، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صومكم يوم تصومون وأضحاكم يوم تضحون» رواه أبو داود.
مسألة 3: (وإن رأى الهلال وحده صام) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صوموا لرؤيته» (فإن كان عدلًا صام الناس بقوله) لما روي «أن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: "تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أني رأيته، فصام وأمر الناس بالصيام» رواه أبو داود، ولأنه مما طريقه المشاهدة فدخل به في الفريضة فقبل من واحد كوقت الصلاة، والعبد كالحر لأنه من أهل الرؤية أشبه الحر.
مسألة 4: (ولا يفطر إلا بشهادة عدلين) لما روى عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين، فإن شهد شاهدان ذوا عدل فصوموا وأفطروا» رواه النسائي، ولأنها شهادة يدخل بها في العبادة فلم يقبل فيها الواحد كسائر الشهود.
مسألة 5: (ولا يفطر إذا رآه وحده) لما روي أن رجلين قدما المدينة وقد رأيا الهلال وقد أصبح الناس صيامًا فأتيا عمر فذكرا ذلك له، فقال لأحدهما: أصائم أنت؟ قال: بل مفطر. قال: فما حملك على هذا؟ قال: لم أكن لأصوم وقد رأيت الهلال، وقال الآخر:
(1/162)
(6) وإن صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يومًا أفطروا
(7) وإن كان بغيم أو قول واحد لم يفطروا
(8) إلا أن يروه أن يكملوا العدة
(9) وإذا اشتبهت الأشهر على الأسير تحرى وصام، فإن وافق الشهر أو ما بعده أجزأه
(10) وإن وافق قبله لم يجزئه
باب أحكام المفطرين في رمضان ويباح الفطر في رمضان لأربعة أقسام: أحدها: المريض الذي يتضرر به، والمسافر الذي له القصر، فالفطر لهما أفضل وعليهما القضاء، وإن صاما أجزأهما،)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
أنا صائم. قال: فما حملك على هذا؟ قال: لم أكن لأفطر والناس صيام. فقال للذي أفطر: لولا مكان هذا لأوجعت رأسك، ولأنه محكوم به من رمضان فأشبه الذي قبله.
مسألة 6: (وإن صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يومًا أفطروا) لحديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب.
مسألة 7: (وإن كان بغيم لم يفطروا) إذا لم يروا الهلال لأنهم إذا صاموا في أوله احتياطًا للعبادة فيجب الصوم في آخره احتياطًا لها، (وإن صاموا بشهادة الواحد لم يفطروا) كما لو شهد بهلال شوال.
مسألة 8: (إلا أن يروه) لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «وأفطروا لرؤيته» (أو يكملوا العدة) فيفطروا لقوله: «فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يومًا» .
مسألة 9: (وإذا اشتبهت الأشهر على الأسير تحرى وصام، فإن وافق الشهر أو ما بعده أجزأه) لأنه فعل العبادة بعد وجوبها عليه باجتهاده، فإذا وافق الإصابة أجزأته كالقبلة إذا اشتبهت عليه أو الوقت.
مسألة 10: (وإن وافق ما قبله لم يجزئه) لأنه أتى بالعبادة قبل وقتها بالتحري فلم يجزه كالصلاة والحج إذا أخطأ فيه الواحد.
[باب أحكام المفطرين في رمضان]
(ويباح الفطر في رمضان لأربعة أقسام: أحدها: المريض الذي يتضرر به، والمسافر الذي له القصر، فالفطر لهما أفضل وعليهما القضاء) لأن الله سبحانه قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [النساء: 43] وقَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]
(1/163)
(الثاني: الحائض والنفساء تفطران وتقضيان، وإن صامتا لم يجزئهما. الثالث: الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أفطرتا وقضتا، وإن خافتا على ولديهما أفطرتا وقضتا وأطعمتا عن كل يوم مسكينًا. الرابع: العاجز عن الصيام لكبر أو مرض لا يرجى برؤه فإنه يطعم عنه عن كل يوم مسكينًا
(11) وعلى سائر من أفطر القضاء لا غير، إلا من أفطر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس من البر الصوم في السفر» متفق عليه، «وخرج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عام الفتح فأفطر فبلغه أن ناسًا صاموا فقال: "أولئك العصاة» رواه مسلم، (وإن صاما أجزأهما) لذلك.
(الثاني: الحائض والنفساء تفطران وتقضيان) إجماعًا (وإن صامتا لم يجزئهما) إجماعًا. «وقالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة» تعني في الحيض، والنفاس مثله.
(الثالث: الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أفطرتا وقضتا) كالمريض، (وإن خافتا على ولديهما أفطرتا وقضتا وأطعمتا عن كل يوم مسكينًا) لقوله سبحانه: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] .
(الرابع: العاجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه فإنه يطعم عنه لكل يوم مسكينًا) لقول الله سبحانه: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] «قال ابن عباس: "كانت رخصة للشيخ والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصيام أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينًا، والحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا» رواه أبو داود.
مسألة 11: (وعلى سائر من أفطر القضاء لا غير، إلا من أفطر بجماع في الفرج فإنه يقضي ويعتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا، فإن لم يجد سقطت عنه) لما روى الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: «بينما نحن عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ جاءه رجل فقال: هلكت. قال: ما لك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم. فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا،
(1/164)
بجماع في الفرج فإنه يقضي ويعتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا، فإن لم يجد سقطت عنه
(12) فإن جامع ولم يُكفّر حتى جامع ثانية فكفارة واحدة
(13) وإن كفر ثم جامع فكفارة ثانية
(14) وكل من لزمه الإمساك في رمضان فجامع فعليه كفارة
(15) ومن أخر القضاء لعذر حتى أدركه رمضان
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
قال: هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا. قال: فهل تجد إطعام ستين مسكينًا؟ قال: لا، قال: فمكث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فبينما نحن على ذلك أُتي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعرق فيه تمر، والعرق المكتل، فقال: أين السائل؟ قال: أنا، قال: خذ هذا فتصدق به، فقال الرجل: على أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها - يريد الحرتين - أهل بيت أفقر مني ومن أهل بيتي. فضحك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى بدت أنيابه ثم قال: أطعمه أهلك» متفق عليه.
مسألة 12: (فإن جامع ولم يكفر حتى جامع ثانية) في يوم واحد (فكفارة واحدة) ولا خلاف فيه بين أهل العلم، وإن كان في يومين فعلى وجهين: أحدهما: تلزمه كفارة واحدة لأنه جزاء عن جناية تكرر سببها قبل استيفائها فتداخلا كالحدود وكما لو جامع في يوم مرتين ولم يكفر، والثاني: تلزمه كفارة ثانية، اختارها القاضي لأنه أفسد صوم يومين فوجبت كفارتان كما لو كانا في رمضانين.
مسألة 13: (وإن كفر ثم جامع فكفارة ثانية) نص عليه لأنه تكرر السبب بعد استيفاء حكم الأول فوجب أن يثبت للثاني حكمه كسائر الكفارات.
مسألة 14: (وكل من لزمه الإمساك في رمضان فجامع فعليه كفارة) للخبر.
مسألة 15: (ومن أخر القضاء لعذر حتى أدركه رمضان آخر فليس عليه غير القضاء) لقوله سبحانه: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] (وإن فرط أطعم مع القضاء لكل يوم مسكينًا) لما روى ابن ماجه عن ابن عمر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من مات وعليه صيام شهر رمضان فليطعم عنه مكان كل يوم مسكين» قال الترمذي: الصحيح عن ابن عمر
(1/165)
آخر فليس عليه غير القضاء وإن فرط أطعم مع القضاء لكل يوم مسكينًا
(16) وإن ترك القضاء حتى مات لعذر فلا شيء عليه
(17) وإن كان لغير عذر أطعم عنه لكل يوم مسكينًا
(18) إلا أن يكون الصوم منذورًا فإنه يصام عنه، وكذلك كل نذر طاعة
باب ما يفسد الصوم من أكل أو شرب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
موقوف. وعن عائشة أنها قالت: يطعم عنه في قضاء رمضان ولا يصام عنه. وعن ابن عباس أنه سئل عن رجل مات وعليه نذر صوم شهر وعليه صوم رمضان، قال: أما رمضان فيطعم عنه، وأما النذر فيصام عنه، رواه الأثرم في السنن.
مسألة 16: (وإن ترك القضاء حتى مات لعذر فلا شيء عليه) لأنه حق الله تعالى وجب بالشرع ومات من يجب عليه قبل إمكان فعله فسقط إلى غير بدل كالحج.
مسألة 17: (وإن كان لغير عذر أطعم عنه لكل يوم مسكين) لحديث ابن عمر وعائشة وابن عباس.
مسألة 18: (إلا أن يكون الصوم منذورًا فيصام عنه، وكذلك كل نذر طاعة) لما روى البخاري عن ابن عباس قال: «قالت امرأة للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأقضيه عنها؟ قال: أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أكان يؤدي ذلك عنها؟ قالت: نعم. قال: فصومي عن أمك» رواه البخاري.
[باب ما يفسد الصوم]
(من أكل أو شرب أو استعط أو أوصل إلى جوفه شيئًا من أي موضع كان أو استقاء أو استمنى أو قبل أو لمس أو أمذى أو حجم أو احتجم عامدًا ذاكرًا لصومه فسد) أما الأكل والشرب فيحرم على الصائم لقوله سبحانه: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] بعد قوله: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187] فإذا أكل أو شرب مختارًا ذاكرًا لصومه أبطله لأنه فعل ما ينافي الصوم لغير عذر سواء كان غذاء أو غير غذاء كالحصاة والنواة لأنه أكل. 1
(1/166)
(19) أو استعط (20) أو أوصل إلى جوفه شيئًا من أي موضع كان (21) واستقاء (22) أو استمنى أو قبّل (23) أو لمس أو أمذى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 19: إن استعط فسد صومه، لقوله للقيط بن صبرة: «بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا» وهذا يدل على أنه يفسد الصوم إذا بالغ فيه بحيث يصل إلى خياشيمه.
1 -
مسألة 20: وإن أوصل إلى جوفه شيئًا من أي نوع كان، مثل أن احتقن أو داوى جائفة أو طعن نفسه أو طعنه غيره بإذنه أو أوصل إلى دماغه شيئًا مثل إن قطر في أذنيه أو داوى مأمومة فوصل إلى دماغه فسد صومه؛ لأنه إذا فسد بالسعوط دل على أنه يفسد بكل واصل من أي موضع كان، ولأن الدماغ أحد الجوفين فأفسد الصوم بما يصل إليه كالأخرى.
1 -
مسألة 21: وإن استقاء عمدًا فعليه القضاء، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على إبطال صوم من استقاء عامدًا، لما روى أبو هريرة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدًا فليقض» حديث حسن [رواه الترمذي] .
1 -
مسألة 22: وإن استمنى بيده فأنزل أفطر، لأنه أنزل عن مباشرة أشبه القُبلة.
1 -
مسألة 23: ولو قبل أو لمس أو أمذى فسد صومه لذلك، أما إذا أمنى فإنه يفطر بغير خلاف علمناه، وإن أمذى أفطر عند إمامنا لأنه خارج تخلله الشهوة فإذا انضم إلى المباشرة أفطر كالمني.
1 -
مسألة 24: وإن لم ينزل لم يفسد صومه، لما «روى ابن عمر قال: " قلت: يا رسول الله صنعت اليوم أمرًا عظيمًا، قبلت وأنا صائم. قال: أرأيت لو تمضمضت من إناء وأنت
(1/167)
(25) أو حجم أو احتجم عامدًا ذاكرًا لصومه فسد
(26) وإن فعله ناسيًا
(27) أو مكرهًا لم يفسد صومه
(28) وإن طار إلى حلقه ذباب أو غبار
(29) أو تمضمض، أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
صائم، قلت: لا بأس، قال: فمه» رواه أبو داود، شبه القبلة بالمضمضة لكونها من مقدمات الشهوة، والمضمضة إذا لم يكن معها نزول الماء لم تفطر، كذلك القبلة.
1 -
مسألة 25: وإن حجم أو احتجم عامدًا ذاكرًا لصومه فسد صومه، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أفطر الحاجم والمحجوم» [رواه أبو داود] رواه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحد عشر نفسًا، قال أحمد: حديث ثوبان وشداد صحيحان.
مسألة 26: (وإن فعل شيئًا من هذا ناسيًا لم يفسد صومه) لما روى أبو هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «إذا أكل أحدكم أو شرب ناسيًا فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه " متفق عليه. وفي لفظ: " فلا يفطر، فإنما هو رزق رزقه الله» فنص على الأكل والشرب وقسنا عليه سائر ما ذكرنا.
مسألة 27: (وإن فعله مكرهًا لم يفطر) ، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من ذرعه القيء فليس عليه قضاء» فنقيس عليه ما عداه.
مسألة 28: (وإن طار إلى حلقه ذباب أو غبار لم يفسد صومه) ، لأنه لا يمكن التحرز منه، أشبه الريق.
مسألة 29: (وإن تمضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء لم يبطل صومه) لأنه وصل بغير اختياره أشبه الذباب الداخل حلقه.
(1/168)
(30) أو فكر فأنزل
(31) أو قطر في إحليله
(32) أو احتلم
(33) أو ذرعه القيء لم يفسد صومه
(34) ومن أكل يظنه ليلًا فبان نهارًا فعليه القضاء
(35) ومن أكل شاكًا في طلوع الفجر لم يفسد صومه، وإن أكل شاكًا في غروب الشمس فعليه القضاء
باب صيام التطوع (36) أفضل الصيام صيام داود - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: كان يصوم يومًا ويفطر يومًا وأفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي يدعونه المحرم وما من أيام العمل الصالح فيهن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 30: (وإن فكر فأنزل لم يفسد صومه) ، لأنه يخرج من غير اختياره.
مسألة 31: (وإن قطر في إحليله شيئًا لم يفسد صومه) لأن ما يصل إلى المثانة لا يصل إلى الجوف ولا منفذ بينهما.
مسألة 32: (وإن احتلم لم يفسد صومه) لأنه يخرج من غير اختياره.
مسألة 33: (وإن ذرعه القيء لم يفسد صومه) لحديث أبي هريرة: «من ذرعه القيء فليس عليه قضاء» حديث حسن [رواه الترمذي] .
مسألة 34: (ومن أكل يظنه ليلًا فبان نهارًا فعليه القضاء) لما روي عن حنظلة قال: كنا بالمدينة في رمضان فأفطر بعض الناس ثم طلعت الشمس فقال عمر: من أفطر فليقض يومًا مكانه [رواه البيهقي] ولأنه أكل ذاكرًا مختارًا فأفطر كما لو أكل يظنه من شعبان فبان من رمضان.
مسألة 35: (ومن أكل شاكًا في طلوع الفجر لم يفسد صومه) ، لأن الأصل بقاء الليل (وإن كان شاكًا في غروب الشمس فعليه القضاء) ، لأن الأصل بقاء النهار.
[باب صيام التطوع]
مسألة 36: (أفضل الصيام صيام داود - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: كان يصوم يومًا ويفطر يومًا) لأن في حديث عبد الله بن عمرو أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «صم يومًا وأفطر يومًا فذلك صيام داود وهو أفضل الصيام. فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لا أفضل من ذلك» متفق عليه. (وأفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي يدعونه المحرم)
(1/169)
أحب إلى الله من عشر ذي الحجة
(37) ومن صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله
(38) وصيام يوم عاشوراء كفارة سنة وصيام يوم عرفة كفارة سنتين
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
لما روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم» رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن. وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من عشر ذي الحجة. قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء» هذا حديث حسن صحيح رواه ابن عباس [رواه الترمذي] . وعن أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة، يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر» وهذا حديث غريب أخرجه الترمذي. وروى أبو داود بإسناده عن بعض أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالت: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء» .
مسألة 37: (ومن صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله) لما روى أبو أيوب قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من صام رمضان وأتبعه ستًا من شوال فكأنما صام الدهر كله» رواه مسلم والأثرم وأبو داود والترمذي وقال: حديث حسن.
مسألة 38: (وصيام يوم عاشوراء كفارة سنة وصيام يوم عرفة كفارة سنتين) لما روى أبو قتادة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده» . وقال في صيام عاشوراء: «إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله» أخرجه مسلم.
(1/170)
(39) ولا يستحب لمن بعرفة أن يصومه
(40) ويستحب صيام أيام البيض
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 39: (ولا يستحب لمن كان بعرفة أن يصومه) ليتقوى على الدعاء؛ لما روي «عن أم الفضل بنت الحارث: " أن أناسًا تماروا بين يديها يوم عرفة في رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال بعضهم: صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم. فأرسلت إليه بقدح من لبن وهو واقف على بعيره بعرفة فشربه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» متفق عليه. «وقال ابن عمر: " حججت مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلم يصمه - يعني يوم عرفة - ومع أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فلم يصمه ومع عمر فلم يصمه ومع عثمان فلم يصمه وأنا لا أصومه ولا آمر به ولا أنهى عنه» أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن. وروى أبو داود «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن صيام يوم عرفة بعرفة» ولأن الصوم يضعفه ويمنعه الدعاء في هذا اليوم العظيم الذي يستجاب فيه الدعاء في ذلك الموقف الشريف الذي يقصد من كل فج عميق رجاء فضل الله فيه وإجابة دعائه فكان تركه أفضل.
مسألة 40: (ويستحب صيام أيام البيض) لما رواه أبو هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: "أوصاني «خليلي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام» [رواه البخاري] وعن عبد الله بن عمر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له: «صم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر» متفق عليهما. ويستحب أن يجعل هذه الثلاثة أيام البيض لما روى أبو ذر قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يا أبا ذر، إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام فصم ثالث عشره ورابع عشره وخامس عشره» أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن.
(1/171)
(41) والاثنين والخميس
(42) والصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر ولا قضاء عليه
(43) وكذلك سائر التطوع إلا الحج والعمرة فإنه يجب إتمامهما وقضاء ما أفسد منهما
« (44) ونهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن صوم يومين: يوم الفطر، ويوم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 41: (ويستحب صيام الاثنين والخميس) لما روى أبو داود بإسناده عن أسامة بن زيد: «أن نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصوم الاثنين والخميس، فسئل عن ذلك فقال: "إن أعمال الناس تعرض يوم الاثنين ويوم الخميس - وفي لفظ - فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» .
مسألة 42: (والصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر ولا قضاء عليه) لأنه مخير فيه قبل الشروع، فكان مخيرًا بعده قياسًا لما بعد الشروع على ما قبله ولا يلزمه قضاؤه إذا أفطر لأنه غير واجب، «وكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يدخل على أهله فيقول: هل عندكم من شيء؟ فإن قالوا: نعم، أفطر، وإن قالوا: لا، قال: فإني صائم» رواه مسلم، ولا قضاء عليه لما سبق.
مسألة 43: (وكذلك سائر التطوع إلا الحج والعمرة فإنه يجب إتمامهما وقضاء ما أفسد منهما) لأنهما لا يوصل إليهما إلا بكلفة شديدة وإنفاق مال كثير في الغالب فإباحة الخروج منهما يفضي إلى تضييع المال بغير فائدة بخلاف غيرهما، وإلزامه قضاء ما أفسد منهما وسيلة إلى المحافظة عليهما فلا يضيع ما أنفق عليهما.
مسألة 44: (ونهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن صيام يومين: يوم الفطر، والأضحى) لما «روى أبو عبيد مولى ابن أزهر قال: "شهدت العيد مع عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فقال: هذان يومان نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن صيامهما: يوم فطركم من صيامكم، واليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم» متفق عليه.
(1/172)
الأضحى»
(45) ونهى عن صوم أيام التشريق
(46) إلا أنه رخص في صومها للمتمتع إذا لم يجد الهدي
(47) وليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان
باب الاعتكاف (وهو لزوم المسجد لطاعة الله تعالى فيه وهو سنة
(48) إلا أن يكون نذرًا فيلزم الوفاء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 45: (ونهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن صوم أيام التشريق) وروى نبيشة الهذلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل» رواه مسلم.
مسألة 46: أنه رخص في صومها للمتمتع إذا لم يجد الهدي) لما روي «عن ابن عمر وعائشة أنهما قالا: " لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لا يجد الهدي» رواه البخاري.
مسألة 47: (وليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان) لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «التمسوها في العشر الأواخر في كل وتر» متفق عليه.
[باب الاعتكاف]
(وهو لزوم المسجد لطاعة الله تعالى فيه) لأن الاعتكاف في اللغة لزوم الشيء وحبس النفس عليه برا كان أو غيره، قال سبحانه: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} [الأنبياء: 52] وهو في الشرع الإقامة في المسجد على صفة نذكرها. (وهو سنة) لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعله وداوم عليه، واعتكف معه أزواجه، وهذا معنى السنة. وقالت عائشة: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده» متفق عليه.
مسألة 48: (إلا أن يكون نذرًا فيلزم الوفاء به) قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم
(1/173)
به
(49) ويصح من المرأة في كل مسجد غير مسجد بيتها
(50) ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تقام فيه الجماعة
(51) واعتكافه في مسجد تقام فيه الجمعة أفضل
(52) ومن نذر الاعتكاف أو الصلاة في مسجد فله فعل ذلك في غيره إلا المساجد الثلاثة، فإذا نذر ذلك في المسجد الحرام لزمه، وإن نذر الاعتكاف في مسجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جاز له أن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
على أن الاعتكاف لا يجب على الناس فرضًا إلا أن يوجب المرء على نفسه الاعتكاف نذرًا فيجب عليه لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من نذر أن يطيع الله فليطعه» [رواه أبو داود] .
مسألة 49: (ويصح من المرأة في كل مسجد غير مسجد بيتها) لأن صلاة الجماعة غير واجبة عليها فلم يوجد المانع في حقها.
مسألة 50: (ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تقام فيه الجماعة) لقوله سبحانه: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] ولأنه مسجد بني للصلاة فيه فأشبه المتفق عليه، وإنما اشترط في مسجد تقام فيه الجمعة لأن الجماعة واجبة على الرجل فاعتكافه في مسجد لا تقام فيه الجمعة يفضي إلى خروجه إلى الجماعة فيتكرر ذلك منه مع إمكان التحرز منه، وذلك مناف للاعتكاف الذي هو لزوم المعتكف والإقامة على طاعة الله عز وجل فيه.
مسألة 51: (واعتكافه في مسجد تقام فيه الجمعة أفضل) لئلا يحتاج إلى الخروج إليها ولأن ثواب الجماعة في الجامع أكثر.
1 -
مسألة 24: وإن لم ينزل لم يفسد صومه، لما «روى ابن عمر قال: " قلت: يا رسول الله صنعت اليوم أمرًا عظيمًا، قبلت وأنا صائم. قال: أرأيت لو تمضمضت من إناء وأنت
(1/167)
(25) أو حجم أو احتجم عامدًا ذاكرًا لصومه فسد
(26) وإن فعله ناسيًا
(27) أو مكرهًا لم يفسد صومه
(28) وإن طار إلى حلقه ذباب أو غبار
(29) أو تمضمض، أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
صائم، قلت: لا بأس، قال: فمه» رواه أبو داود، شبه القبلة بالمضمضة لكونها من مقدمات الشهوة، والمضمضة إذا لم يكن معها نزول الماء لم تفطر، كذلك القبلة.
1 -
مسألة 25: وإن حجم أو احتجم عامدًا ذاكرًا لصومه فسد صومه، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أفطر الحاجم والمحجوم» [رواه أبو داود] رواه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحد عشر نفسًا، قال أحمد: حديث ثوبان وشداد صحيحان.
مسألة 26: (وإن فعل شيئًا من هذا ناسيًا لم يفسد صومه) لما روى أبو هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «إذا أكل أحدكم أو شرب ناسيًا فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه " متفق عليه. وفي لفظ: " فلا يفطر، فإنما هو رزق رزقه الله» فنص على الأكل والشرب وقسنا عليه سائر ما ذكرنا.
مسألة 27: (وإن فعله مكرهًا لم يفطر) ، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من ذرعه القيء فليس عليه قضاء» فنقيس عليه ما عداه.
مسألة 28: (وإن طار إلى حلقه ذباب أو غبار لم يفسد صومه) ، لأنه لا يمكن التحرز منه، أشبه الريق.
مسألة 29: (وإن تمضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء لم يبطل صومه) لأنه وصل بغير اختياره أشبه الذباب الداخل حلقه.
(1/168)
(30) أو فكر فأنزل
(31) أو قطر في إحليله
(32) أو احتلم
(33) أو ذرعه القيء لم يفسد صومه
(34) ومن أكل يظنه ليلًا فبان نهارًا فعليه القضاء
(35) ومن أكل شاكًا في طلوع الفجر لم يفسد صومه، وإن أكل شاكًا في غروب الشمس فعليه القضاء
باب صيام التطوع (36) أفضل الصيام صيام داود - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: كان يصوم يومًا ويفطر يومًا وأفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي يدعونه المحرم وما من أيام العمل الصالح فيهن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 30: (وإن فكر فأنزل لم يفسد صومه) ، لأنه يخرج من غير اختياره.
مسألة 31: (وإن قطر في إحليله شيئًا لم يفسد صومه) لأن ما يصل إلى المثانة لا يصل إلى الجوف ولا منفذ بينهما.
مسألة 32: (وإن احتلم لم يفسد صومه) لأنه يخرج من غير اختياره.
مسألة 33: (وإن ذرعه القيء لم يفسد صومه) لحديث أبي هريرة: «من ذرعه القيء فليس عليه قضاء» حديث حسن [رواه الترمذي] .
مسألة 34: (ومن أكل يظنه ليلًا فبان نهارًا فعليه القضاء) لما روي عن حنظلة قال: كنا بالمدينة في رمضان فأفطر بعض الناس ثم طلعت الشمس فقال عمر: من أفطر فليقض يومًا مكانه [رواه البيهقي] ولأنه أكل ذاكرًا مختارًا فأفطر كما لو أكل يظنه من شعبان فبان من رمضان.
مسألة 35: (ومن أكل شاكًا في طلوع الفجر لم يفسد صومه) ، لأن الأصل بقاء الليل (وإن كان شاكًا في غروب الشمس فعليه القضاء) ، لأن الأصل بقاء النهار.
[باب صيام التطوع]
مسألة 36: (أفضل الصيام صيام داود - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: كان يصوم يومًا ويفطر يومًا) لأن في حديث عبد الله بن عمرو أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «صم يومًا وأفطر يومًا فذلك صيام داود وهو أفضل الصيام. فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لا أفضل من ذلك» متفق عليه. (وأفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي يدعونه المحرم)
(1/169)
أحب إلى الله من عشر ذي الحجة
(37) ومن صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله
(38) وصيام يوم عاشوراء كفارة سنة وصيام يوم عرفة كفارة سنتين
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
لما روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم» رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن. وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من عشر ذي الحجة. قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء» هذا حديث حسن صحيح رواه ابن عباس [رواه الترمذي] . وعن أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة، يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر» وهذا حديث غريب أخرجه الترمذي. وروى أبو داود بإسناده عن بعض أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالت: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء» .
مسألة 37: (ومن صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله) لما روى أبو أيوب قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من صام رمضان وأتبعه ستًا من شوال فكأنما صام الدهر كله» رواه مسلم والأثرم وأبو داود والترمذي وقال: حديث حسن.
مسألة 38: (وصيام يوم عاشوراء كفارة سنة وصيام يوم عرفة كفارة سنتين) لما روى أبو قتادة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده» . وقال في صيام عاشوراء: «إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله» أخرجه مسلم.
(1/170)
(39) ولا يستحب لمن بعرفة أن يصومه
(40) ويستحب صيام أيام البيض
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 39: (ولا يستحب لمن كان بعرفة أن يصومه) ليتقوى على الدعاء؛ لما روي «عن أم الفضل بنت الحارث: " أن أناسًا تماروا بين يديها يوم عرفة في رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال بعضهم: صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم. فأرسلت إليه بقدح من لبن وهو واقف على بعيره بعرفة فشربه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» متفق عليه. «وقال ابن عمر: " حججت مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلم يصمه - يعني يوم عرفة - ومع أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فلم يصمه ومع عمر فلم يصمه ومع عثمان فلم يصمه وأنا لا أصومه ولا آمر به ولا أنهى عنه» أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن. وروى أبو داود «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن صيام يوم عرفة بعرفة» ولأن الصوم يضعفه ويمنعه الدعاء في هذا اليوم العظيم الذي يستجاب فيه الدعاء في ذلك الموقف الشريف الذي يقصد من كل فج عميق رجاء فضل الله فيه وإجابة دعائه فكان تركه أفضل.
مسألة 40: (ويستحب صيام أيام البيض) لما رواه أبو هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: "أوصاني «خليلي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام» [رواه البخاري] وعن عبد الله بن عمر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له: «صم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر» متفق عليهما. ويستحب أن يجعل هذه الثلاثة أيام البيض لما روى أبو ذر قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يا أبا ذر، إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام فصم ثالث عشره ورابع عشره وخامس عشره» أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن.
(1/171)
(41) والاثنين والخميس
(42) والصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر ولا قضاء عليه
(43) وكذلك سائر التطوع إلا الحج والعمرة فإنه يجب إتمامهما وقضاء ما أفسد منهما
« (44) ونهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن صوم يومين: يوم الفطر، ويوم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 41: (ويستحب صيام الاثنين والخميس) لما روى أبو داود بإسناده عن أسامة بن زيد: «أن نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصوم الاثنين والخميس، فسئل عن ذلك فقال: "إن أعمال الناس تعرض يوم الاثنين ويوم الخميس - وفي لفظ - فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» .
مسألة 42: (والصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر ولا قضاء عليه) لأنه مخير فيه قبل الشروع، فكان مخيرًا بعده قياسًا لما بعد الشروع على ما قبله ولا يلزمه قضاؤه إذا أفطر لأنه غير واجب، «وكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يدخل على أهله فيقول: هل عندكم من شيء؟ فإن قالوا: نعم، أفطر، وإن قالوا: لا، قال: فإني صائم» رواه مسلم، ولا قضاء عليه لما سبق.
مسألة 43: (وكذلك سائر التطوع إلا الحج والعمرة فإنه يجب إتمامهما وقضاء ما أفسد منهما) لأنهما لا يوصل إليهما إلا بكلفة شديدة وإنفاق مال كثير في الغالب فإباحة الخروج منهما يفضي إلى تضييع المال بغير فائدة بخلاف غيرهما، وإلزامه قضاء ما أفسد منهما وسيلة إلى المحافظة عليهما فلا يضيع ما أنفق عليهما.
مسألة 44: (ونهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن صيام يومين: يوم الفطر، والأضحى) لما «روى أبو عبيد مولى ابن أزهر قال: "شهدت العيد مع عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فقال: هذان يومان نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن صيامهما: يوم فطركم من صيامكم، واليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم» متفق عليه.
(1/172)
الأضحى»
(45) ونهى عن صوم أيام التشريق
(46) إلا أنه رخص في صومها للمتمتع إذا لم يجد الهدي
(47) وليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان
باب الاعتكاف (وهو لزوم المسجد لطاعة الله تعالى فيه وهو سنة
(48) إلا أن يكون نذرًا فيلزم الوفاء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 45: (ونهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن صوم أيام التشريق) وروى نبيشة الهذلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل» رواه مسلم.
مسألة 46: أنه رخص في صومها للمتمتع إذا لم يجد الهدي) لما روي «عن ابن عمر وعائشة أنهما قالا: " لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لا يجد الهدي» رواه البخاري.
مسألة 47: (وليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان) لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «التمسوها في العشر الأواخر في كل وتر» متفق عليه.
[باب الاعتكاف]
(وهو لزوم المسجد لطاعة الله تعالى فيه) لأن الاعتكاف في اللغة لزوم الشيء وحبس النفس عليه برا كان أو غيره، قال سبحانه: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} [الأنبياء: 52] وهو في الشرع الإقامة في المسجد على صفة نذكرها. (وهو سنة) لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعله وداوم عليه، واعتكف معه أزواجه، وهذا معنى السنة. وقالت عائشة: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده» متفق عليه.
مسألة 48: (إلا أن يكون نذرًا فيلزم الوفاء به) قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم
(1/173)
به
(49) ويصح من المرأة في كل مسجد غير مسجد بيتها
(50) ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تقام فيه الجماعة
(51) واعتكافه في مسجد تقام فيه الجمعة أفضل
(52) ومن نذر الاعتكاف أو الصلاة في مسجد فله فعل ذلك في غيره إلا المساجد الثلاثة، فإذا نذر ذلك في المسجد الحرام لزمه، وإن نذر الاعتكاف في مسجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جاز له أن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
على أن الاعتكاف لا يجب على الناس فرضًا إلا أن يوجب المرء على نفسه الاعتكاف نذرًا فيجب عليه لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من نذر أن يطيع الله فليطعه» [رواه أبو داود] .
مسألة 49: (ويصح من المرأة في كل مسجد غير مسجد بيتها) لأن صلاة الجماعة غير واجبة عليها فلم يوجد المانع في حقها.
مسألة 50: (ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تقام فيه الجماعة) لقوله سبحانه: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] ولأنه مسجد بني للصلاة فيه فأشبه المتفق عليه، وإنما اشترط في مسجد تقام فيه الجمعة لأن الجماعة واجبة على الرجل فاعتكافه في مسجد لا تقام فيه الجمعة يفضي إلى خروجه إلى الجماعة فيتكرر ذلك منه مع إمكان التحرز منه، وذلك مناف للاعتكاف الذي هو لزوم المعتكف والإقامة على طاعة الله عز وجل فيه.
مسألة 51: (واعتكافه في مسجد تقام فيه الجمعة أفضل) لئلا يحتاج إلى الخروج إليها ولأن ثواب الجماعة في الجامع أكثر.
مسألة 52: (ومن نذر الاعتكاف أو الصلاة في مسجد فله فعل ذلك في غيره) لأن المساجد كلها في الفضيلة سواء، قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «جعلت لي الأرض مسجدًا وترابها طهورًا» [رواه أبو داود] (إلا المساجد الثلاثة) المسجد الحرام ومسجد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والمسجد الأقصى، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا» متفق عليه، (فإذا نذر الاعتكاف في المسجد الحرام لزمه) ولم يجز أن يعتكف في سواه لأنه أفضلها (وإن نذر الاعتكاف في مسجد رسول الله
(1/174)
يعتكف في المسجد الحرام، وإن نذر أن يعتكف في المسجد الأقصى فعله في أيهما أحب
(53) ويستحب للمعتكف الاشتغال بفعل القرب، واجتناب ما لا يعنيه من قول وفعل
(54) ولا يبطل الاعتكاف بشيء من ذلك
(55) ولا يخرج من المسجد إلا لما لا بد له
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جاز أن يعتكف في المسجد الحرام) لأنه أفضل منه، ولم يجز له أن يعتكف في المسجد الأقصى، لأن مسجد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أفضل منه، (وإن نذر أن يعتكف في المسجد الأقصى جاز له أن يعتكف في أي المسجدين أحب) لأنهما أفضل منه بدليل قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام» أخرجه مسلم.
مسألة 53: (ويستحب للمعتكف الاشتغال بالقرب واجتنابه ما لا يعنيه من قول وفعل) ولا يكثر الكلام فإن كثرته لا تخلو من اللغو والسقط، وقد جاء في الحديث: «من كثر كلامه كثر سقطه» ويجتنب الجدال والمراء والسباب والفحش، فإن ذلك مكروه في غير الاعتكاف ففي الاعتكاف أولى.
مسألة 54: (ولا يبطل الاعتكاف بشيء من ذلك) لأنه لما لم يبطل بمباح الكلام لم يبطل بمحظوره، وإنما استحب ذلك ليكون مشتغلًا بما اعتكف لأجله من طاعة الله سبحانه واجتناب معاصيه فيحقق ما اعتكف لأجله.
مسألة 55: (ولا يخرج من المسجد إلا لما لا بد له منه) قالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لما لا بد منه» رواه أبو داود. وقالت أيضًا: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا اعتكف يدني إليَّ رأسه فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان» متفق عليه. ولا خلاف أن له الخروج لما لا بد له منه، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أنه للمعتكف أن يخرج من معتكفه للغائط والبول، ولو كان ذلك يبطل لم يصح
(1/175)
منه
(56) إلا أن يشترط
(57) ولا يباشر امرأة
(58) وإن سأل عن المريض في طريقه أو عن غيره ولم يعرج إليه جاز
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
لأحد اعتكاف. وفي معناه الحاجة إلى الأكل والشرب، إذا لم يكن له من يأتيه به يخرج إليه.
مسألة 56: (إلا أن يشترط) عيادة المريض وصلاة الجنازة وزيارة أهله أو رجل صالح أو قصد بعض أهل العلم أو يتعشى في أهله أو يبيت في منزله لأنه يجب بعقده فكان الشرط فيه إليه كالوقف.
مسألة 57: (ولا يباشر امرأة) فإن وطئ فسد اعتكافه لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] ولأنها عبادة يحرم فيها الوطء فأفسدها كالوطء في الصوم ولا قضاء عليه إلا أن يكون واجبًا.
1 -
مسألة 58: والوطء محرم في الاعتكاف بالإجماع لقول الله سبحانه: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187] .
مسألة 59: (وإن سأل عن المريض في طريقه أو عن غيره ولم يعرج إليه جاز) لما روت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت: «كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يمر بالمريض وهو معتكف فيمر كما هو فلا يعرج يسأل عنه» .
(1/174)
يعتكف في المسجد الحرام، وإن نذر أن يعتكف في المسجد الأقصى فعله في أيهما أحب
(53) ويستحب للمعتكف الاشتغال بفعل القرب، واجتناب ما لا يعنيه من قول وفعل
(54) ولا يبطل الاعتكاف بشيء من ذلك
(55) ولا يخرج من المسجد إلا لما لا بد له
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جاز أن يعتكف في المسجد الحرام) لأنه أفضل منه، ولم يجز له أن يعتكف في المسجد الأقصى، لأن مسجد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أفضل منه، (وإن نذر أن يعتكف في المسجد الأقصى جاز له أن يعتكف في أي المسجدين أحب) لأنهما أفضل منه بدليل قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام» أخرجه مسلم.
مسألة 53: (ويستحب للمعتكف الاشتغال بالقرب واجتنابه ما لا يعنيه من قول وفعل) ولا يكثر الكلام فإن كثرته لا تخلو من اللغو والسقط، وقد جاء في الحديث: «من كثر كلامه كثر سقطه» ويجتنب الجدال والمراء والسباب والفحش، فإن ذلك مكروه في غير الاعتكاف ففي الاعتكاف أولى.
مسألة 54: (ولا يبطل الاعتكاف بشيء من ذلك) لأنه لما لم يبطل بمباح الكلام لم يبطل بمحظوره، وإنما استحب ذلك ليكون مشتغلًا بما اعتكف لأجله من طاعة الله سبحانه واجتناب معاصيه فيحقق ما اعتكف لأجله.
مسألة 55: (ولا يخرج من المسجد إلا لما لا بد له منه) قالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لما لا بد منه» رواه أبو داود. وقالت أيضًا: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا اعتكف يدني إليَّ رأسه فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان» متفق عليه. ولا خلاف أن له الخروج لما لا بد له منه، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أنه للمعتكف أن يخرج من معتكفه للغائط والبول، ولو كان ذلك يبطل لم يصح
(1/175)
منه
(56) إلا أن يشترط
(57) ولا يباشر امرأة
(58) وإن سأل عن المريض في طريقه أو عن غيره ولم يعرج إليه جاز
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
لأحد اعتكاف. وفي معناه الحاجة إلى الأكل والشرب، إذا لم يكن له من يأتيه به يخرج إليه.
مسألة 56: (إلا أن يشترط) عيادة المريض وصلاة الجنازة وزيارة أهله أو رجل صالح أو قصد بعض أهل العلم أو يتعشى في أهله أو يبيت في منزله لأنه يجب بعقده فكان الشرط فيه إليه كالوقف.
مسألة 57: (ولا يباشر امرأة) فإن وطئ فسد اعتكافه لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] ولأنها عبادة يحرم فيها الوطء فأفسدها كالوطء في الصوم ولا قضاء عليه إلا أن يكون واجبًا.
1 -
مسألة 58: والوطء محرم في الاعتكاف بالإجماع لقول الله سبحانه: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187] .
مسألة 59: (وإن سأل عن المريض في طريقه أو عن غيره ولم يعرج إليه جاز) لما روت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت: «كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يمر بالمريض وهو معتكف فيمر كما هو فلا يعرج يسأل عنه» .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق